الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) الأصل أنه ( يغسل الرجل ) [ ص: 107 ] بالنصب وخلافه ركيك لتفويته نكتة تقديم المفعول على خلاف الأصل وهي الإشعار بأهمية ما الكلام فيه وهو الميت ولو أمرد لما يأتي في الخنثى ولأنه من الجنس ( الرجل ، والمرأة ) كذلك ( المرأة ) إلحاقا لكل بجنسه ( ويغسل أمته ) ولو نحو أم ولد ومكاتبة وذمية كالزوجة بل أولى ولارتفاع الكتابة بالموت لا مزوجة ومعتدة ومستبرأة ومشتركة ومبعضة [ ص: 108 ] وكذا نحو وثنية على الأوجه لحرمة بضعهن عليه وإن جاز له نظر ما عدا ما بين سرة وركبة غير المبعضة كما يأتي في النكاح وليس لها ولو مكاتبة وأم ولد أن تغسل سيدها لانتقالها للورثة أو عتقها بخلاف الزوجة لبقاء آثار الزوجية بعد الموت ( وزوجته ) غير الرجعية والمعتدة عن شبهة وإن حل نظرها لتعلق الحق فيها بأجنبي ولو ذمية ( وهي ) أي غير من ذكرنا ولو ذمية تغسل ( زوجها ) إجماعا وإن اتصلت بزوج بأن وضعت عقب موته ويعلم مما يأتي أن الكافر لا يغسل مسلما أن الذمية إنما تغسل زوجها الذمي ( ويلفان ) أي السيد وأحد الزوجين ( خرقة ) ندبا ( ولا مس ) من أحدهما ينبغي أن يصدر لشيء من بدن الميت حفظا لطهارة الغاسل إذ الميت لا ينتقض طهره بذلك فإن خالف صح الغسل لا يقال هذا مكرر مع ما مر من لف الخرقة الشامل لأحد الزوجين لأن ذاك في لف واجب وهو شامل لهما كما مر وهذا في لف مندوب وهو خاص بهما فلا تكرار نعم الذي يتوهم [ ص: 109 ] إنما هو تكرر هذا مع من عبر بأنه يسن لكل غاسل لف خرقة على يده في سائر غسله ومع ذلك لا تكرار أيضا لأن هذا بالنظر لكراهة اللمس وما هنا بالنظر لانتقاض الطهر به .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ويغسل الرجل الرجل والمرأة المرأة ) قال المحلي هذا هو الأصل والأول فيهما هو المنصوب ا هـ أقول : نصب الأول هو الموجود في خط المصنف ويحتمل أن يوجه بإفادته الحصر أخذا من [ ص: 107 ] إطلاق قول السعد أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر ولا يرد على الحصر أن كلا من الفريقين قد يغسل الآخر كما سيعلم لأنه باعتبار الأصل وأما توجيهه بامتناع رفع الأول لعدم تأنيث الفعل فلا يسند إلى المؤنث الحقيقي المعطوف بدون الفصل بمفعوله فيرد عليه أن الفصل حاصل بالمعطوف عليه وبإمكان تقدير فعل مؤنث للمعطوف ، وجعل العطف من قبيل عطف الجمل فليتأمل ( قوله : بالنصب ) قد يوجه من جهة المعنى بأن فيه إشارة إلى الاهتمام بالميت وأنه المقصود بالذات وأن الفاعل هنا إنما ذكر بالتبع فليتأمل ( قوله : وخلافه ركيك ) مجرد دعوى ممنوعة لا سند لها ( قوله : ولو أمرد إلخ ) في الناشري تنبيه آخر إذا حرمنا النظر إلى الأمرد إلحاقا له بالمرأة فالقياس امتناع تغسيل الرجل له ا هـ أقول وامتناع تغسيل المرأة له إذا كان بالغا لحرمة النظر أيضا ظاهر ( قوله : ومستبرأة ) لا يقال : المستبرأة إما مملوكة بالسبي والأصح حل التمتعات بها ما سوى الوطء فغسلها أولى أو بغيره فلا يحرم عليه الخلوة بها ولا لمسها ولا النظر إليها بغير شهوة فلا يمتنع عليه غسلها لأنا نقول تحريم غسلها ليس لما ذكر بل لتحريم بضعها كما صرح به في المجموع فأشبهت المعتدة بجامع تحريم [ ص: 108 ] البضع وتعلق الحق بأجنبي شرح م ر ( قوله : وكذا نحو وثنية على الأوجه ) أي الذي بحثه البارزي خلافا للإسنوي وفرق في شرح الروض على طريق الإسنوي بين نحو المجوسية ونحو المعتدة فراجعه ( قوله : لحرمة بضعهن عليه وإن جاز له نظر ما عدا ما بين سرة وركبة غير المبعضة ) قد يستوضح على المنع هنا والجواز في المحرم مع حرمة بضعها ، وجواز نظر ما عدا ما بين سرتها وركبتها بأن الأصل في الأجانب الحرمة لأنهن مظنة الشهوة فامتنع تغسيلهن إلا من أباح له الشرع تغسيلهن كالزوجة ومن في معناها من الأمة التي يحل بضعها بخلاف المحارم لأنهن لسن مظنة الشهوة فكن بمنزلة الجنس ( قوله : غير المبعضة ) سيأتي في هامش باب النكاح حل نظر ما عدا ما بين سرة وركبة المبعضة أيضا ونقله عن شرح الإرشاد وشرح الروض فلينظر هذا التقييد ( قوله : غير الرجعية والمعتدة عن شبهة ) أي كما قال الأذرعي أنه القياس وأجاب في شرح الروض عن رد الزركشي له بما أشار إليه الشارح ( قوله : وإن حل نظرها ) أي لما عدا ما بين السرة والركبة كما عبر به في شرح الروض عن الزركشي ( قوله : أن الذمية إنما تغسل زوجها الذمي ) ففي المبالغة بها شيء وفي كنز الأستاذ البكري وغسل [ ص: 109 ] الذمية لزوجها المسلم مكروه ا هـ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : والأصل أنه إلخ ) أي فلا يعترض بكون الرجل يغسل المرأة وعكسه في صور إذ كلامنا في الأصل كما قاله الشارح فهي كالمستثنى نهاية . قول المتن ( يغسل الرجل إلخ ) ( تنبيه ) :

                                                                                                                              لو صرف الغاسل الغسل عن غسل الميت بأن قصد به الغسل عن الجنابة مثلا إذا كان [ ص: 107 ] جنبا ينبغي وفاقا ل م ر أنه يكفي ولو قلنا باشتراط النية لأن المقصود النظافة وهو حاصل وكما لو اجتمع على الحي غسلان واجبان فنوى أحدهما فإنه يكفي سم على المنهج ا هـ ع ش ( قوله : بالنصب إلخ ) عبارة المغني قوله : الرجل الرجل والمرأة المرأة بنصب الأول فيهما بخطه وذلك ليصح إسناد " يغسل " المسند للمذكر للمؤنث لوجود الفاصل بالمفعول كما في قولهم أتى القاضي امرأة ويجوز رفع الأول منهما ويكون من عطف الجمل ويقدر في الجملة المعطوفة فعل مبدوء بعلامة التأنيث ا هـ زاد النهاية على أنه يصح ذلك بدون ما ذكر لأنه معطوف فهو تابع ويغتفر فيه ما لا يغتفر في المتبوع وقد يقال تقديم المفعول هنا يفيد الحصر والاختصاص ولو قدم الفاعل لم يستفد منه حصر ا هـ .

                                                                                                                              وفي سم ما يوافقه ( قوله : وخلافه ركيك ) مجرد دعوى ممنوعة لا سند لها قاله سم أقول سنده قوله : لتفويته إلخ ( قوله : وهي الإشعار ) ويحتمل أنها إفادة الحصر أخذا من إطلاق قول السعد إن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر ولا يرد على الحصر أن كلا من الفريقين قد يغسل الآخر كما سيعلم لأنه اعتبار الأصل سم و ع ش ( قوله : ولو أمرد ) والقياس امتناع غسله للأمرد إذا حرمنا النظر له إلحاقا له بالمرأة نهاية وفي سم بعد ذكر مثله عن الناشري أقول وامتناع تغسيل المرأة له إذا كان بالغا لحرمة النظر أيضا ظاهر ا هـ وقوله : بالغا أي أو مشتهى كما يأتي قال ع ش قوله : م ر والقياس إلخ خلافا لحج .

                                                                                                                              ( تنبيه ) :

                                                                                                                              قال بعضهم لو كان الميت أمرد حسن الوجه ولم يحضر محرم له يمم أيضا بناء على حرمة النظر إليه انتهى ووافقه م ر لكنه قيده بما إذا خشي الفتنة لأنه اعتمد ما صححه الرافعي من أنه لا يحرم النظر للأمرد إلا عند خوف الفتنة وهذا مما يبتلى به فإن الغالب أن مغسل المرد الحسان هو الأجانب سم على المنهج وظاهره وإن لم يوجد غيره وينبغي أن يقال إن لم يوجد إلا هو جاز له ، ويكف نفسه ما أمكن نظير ما قالوه في الشهادة على الأجنبية إلا أن يفرق بأن للغسل هنا بدلا بخلاف الشهادة فإنه ربما يضيع الحق بالامتناع ولا بدل لها ولعله الأقرب وقوله إذا حرمنا النظر أي بأن خيف الفتنة على المعتمد ا هـ ع ش ولو قيل إن الأقرب هو الأول تجنبا عن إزراء الميت وعملا بإطلاقهم لم يبعد

                                                                                                                              ( قوله : لما يأتي إلخ ) أي قبيل قول المصنف وأولى الرجال إلخ ( قوله : كذلك ) أي بالنصب قول المتن ( ويغسل أمته ) أي يجوز له ذلك نهاية ( قوله : ولو نحو أم ولد ) إلى قوله " ويعلم " في المغني إلا قوله وإن جاز إلى " وليس لها " وإلى قول المتن فإن لم يحضر في النهاية إلا ما ذكر ( قوله : ولو نحو أم ولد إلخ ) أي كالمدبرة نهاية ومغني ( قوله : بل أولى ) أي لملكه الرقبة والبضع جميعا نهاية ومغني ( قوله : ولارتفاع إلخ ) عطف على كالزوجة عبارة النهاية والمغني والكتابة ترتفع بالموت ا هـ وهي أحسن ( قوله : لا مزوجة إلخ ) في عطفه على ما قبله تأمل ولعل لهمزة قبله سقط من القلم عبارة النهاية ما لم تكن متزوجة إلخ وفي المغني نحوها ( قوله : ومعتدة ) أي ولو من شبهة ع ش

                                                                                                                              ( قوله : ومستبرأة ) لا يقال المستبرأة إما مملوكة بالسبي والأصح حل التمتع بها ما سوى الوطء فغسلها أولى أو بغيره فلا يحرم عليه الخلوة بها ولا لمسها ولا النظر إليها بغير شهوة فلا يمتنع عليه غسلها لأنا نقول تحريم غسلها ليس لما ذكر بل لتحريم بضعها كما صرح به في المجموع [ ص: 108 ] فأشبهت المعتدة بجامع تحريم البضع وتعلق الحق بأجنبي نهاية ومغني ( وكذا نحو وثنية ) أي من كل أمة تحرم عليه كمجوسية نهاية ومغني ( قوله : غير المبعضة ) سيأتي في هامش باب النكاح حل نظر إلى ما عدا ما بين سرة وركبة المبعضة أيضا ونقله عن شرح الإرشاد وشرح الروض فلينظر هذا التقييد سم ( قوله : وليس لها ) أي للأمة ( قوله : ببقاء آثار الزوجية إلخ ) أي بدليل التوارث نهاية ومغني . وقول المتن ( وزوجته ) أي وإن تزوج أختها أو نحوها أو أربعا سواها مغني ونهاية

                                                                                                                              ( قوله : غير الرجعية ) أي فلا يغسلها لحرمة المس والنظر وإن كانت كالزوجة في النفقة ونحوها ومثلها بالأولى البائن بطلاق أو فسخ نهاية ومغني ( قوله : نظرها ) أي المعتدة بشبهة لما عدا ما بين السرة والركبة نهاية و سم ( قوله : ولو ذمية ) أي وإن لم يرض به رجال محارمها من أهل ملتها نهاية قول المتن ( وهي زوجها ) ظاهره ولو كانت أمة وهو ظاهر ولا ينافي هذا ما يأتي له من أنها لا حق لها في ولاية الغسل لأن الكلام هنا في الجواز ع ش ( قوله : إجماعا ) ولقول عائشة لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه رواه أبو داود والحاكم وصححه على شرط مسلم مغني زاد النهاية أي لو ظهر لها قولها المذكور وقت غسله صلى الله عليه وسلم ما غسله إلا نساؤه لمصلحتهن بالقيام بهذا الغرض العظيم ولأن جميع بدنه يحل لهن نظره حال حياته ولأن أبا بكر أوصى بأن تغسله زوجته أسماء بنت عميس ففعلت ولم ينكره أحد ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : أن الذمية إنما تغسل إلخ ) في المبالغة بها شيء وفي كنز الأستاذ البكري : وغسل الذمية لزوجها المسلم مكروه سم عبارة ع ش إن كان المراد أنها لا حق لها بحيث تقدم به على غيرها فظاهر وإن كان المراد أنها لا تمكن من التغسيل ففيه نظر لأنه لا يلزم من عدم الأولوية عدم الجواز ثم رأيت بهامش عن شرح الروض والبهجة أنه يكره تغسيل الذمية زوجها المسلم وأن شيخنا الزيادي اعتمده وهو صريح قول المحلي إلا أن غسل الذمية لزوجها المسلم مكروه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أي السيد ) إلى قوله فإن خالف في المغني ( قوله : أي السيد ) أي في تغسيل أمته ( وأحد الزوجين ) أي في تغسيل الآخر نهاية ومغني

                                                                                                                              ( قوله : ولا مس إلخ ) " مس " اسم " لا " و " من أحدهما " متعلق به " وينبغي إلخ " خبره كردي أي ( وقوله : لشيء إلخ ) متعلق بمس أو بضميره المستتر في " يصدر " ولا يخفى ما في تعبير الشارح من التعقيد ولذا عدل النهاية والمغني عنه فقالا ولا مس واقع بينهما وبين الميت أي لا ينبغي ذلك ا هـ قال ع ش قوله : م ر أي لا ينبغي ذلك أي لا يحسن فالمس مكروه في غير العورة أما فيها فحرام كما مر في قوله م ر ولف الخرقة واجب لحرمة مس شيء من عورته بلا ساتر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لا يقال هذا ) أي قول المصنف ويلفان خرقة ( قوله : لأن ذلك في لف واجب إلخ ) هذا واضح بالنسبة للخرقة الأولى التي تغسل السوأتين أما الخرقة الثانية التي لغير العورة فواضح كون لفها مندوبا لا واجبا ويمكن دفع التكرار بطريق آخر بأن يقال ما مر بالنسبة لأصل الندب وما هنا بالنسبة لتأكده فلا تكرار بصري ( قوله : وهو ) أي اللف الواجب ( قوله : شامل لهما ) منه يعلم حرمة مس أحد الزوجين عورة الآخر وكراهة مس ما عداها كما صرح به ابن حج فيما تقدم ونقل سم على حج هناك عن الشارح م ر جواز مس العورة من كل منهما وعليه [ ص: 109 ] فما ذكره م ر هنا من الندب مخصص لعموم قوله ثم " ولف الخرقة واجب " وكأنه قيل إلا في حق الزوجين وهو ظاهر قوله هنا وهو خاص بهما فيكون المس ولو للعورة عنده م ر مكروها لا حراما ع ش ( قوله : إنما هو ) أي المتوهم ( تكرر هذا ) أي ما هنا ( مع من عبر إلخ ) أي هناك ( قوله : ومع ذلك ) أي التعبير بأنه يسن لكل غاسل إلخ ( قوله : لأن هذا ) أي قوله هناك يسن لكل غاسل إلخ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية