الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويقول ) ندبا حيث لم يخش تغير الميت والأوجب الاقتصار على الأركان ( في الثالثة : اللهم هذا عبدك وابن عبديك إلى آخره ) وهو كما بأصله خرج من روح الدنيا وسعتها - أي بفتح أولهما نسيم ريحها واتساعها ومحبوبه وأحباؤه فيها أي ما يحبه ومن يحبه وهو جملة حالية لبيان انقطاعه وذله ويجوز جره بل هو المشهور - إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه - أي من جزاء عمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر - كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به - احتاج إليه ليبرأ من عهدة الجزم قبله - اللهم إنه نزل بك وأنت خير منزول به - أي هو ضيفك وأنت الأكرم على الإطلاق وضيف الكرام لا يضام - وأصبح فقيرا إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فاغفر له وتجاوز عنه ولقه برحمتك رضاك ، وقه فتنة القبر [ ص: 139 ] وعذابه وأفسح له في قبره وجاف الأرض عن جنبيه ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين .

                                                                                                                              وهذا التقطه الشافعي من مجموع أحاديث وردت واستحسنه الأصحاب وفي الأنثى يبدل العبد بالأمة ويؤنث الضمائر ويجوز تذكيرها بإرادة الميت أو الشخص كعكسه بإرادة النسمة وليحذر من تأنيث " به " في منزول به فإنه كفر لمن عرف معناه وتعمده وفي الخنثى والمجهول يعبر بما يشمل الذكر والأنثى كمملوكك وفيما إذا اجتمع ذكور وإناث الأولى تغليب الذكور لأنهم أشرف وقوله " وابن عبديك " - وفي نص للشافعي " وابن عبدك " بالإفراد - إنما يأتي في معروف الأب أما ولد الزنا فيقول " وابن أمتك " وفي مسلم دعاء طويل عنه صلى الله عليه وسلم [ ص: 140 ] وظاهر أنه أولى وهو { اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وعافه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وفتنته ومن عذاب النار } .

                                                                                                                              وظاهر أن المراد بالإبدال في الأهل والزوجة إبدال الأوصاف لا الذوات لقوله تعالى { ألحقنا بهم ذريتهم } ولخبر الطبراني وغيره { أن نساء الجنة من نساء الدنيا أفضل من الحور العين } ثم رأيت شيخنا قال وقوله " وزوجا خيرا من زوجه " لمن لا زوجة له يصدق بتقديرها له أن لو كانت له وكذا في المزوجة إذا قيل : إنها لزوجها في الدنيا يراد بإبدالها زوجا خيرا من زوجها ما يعم إبدال [ ص: 141 ] الذوات وإبدال الصفات ا هـ وإرادة إبدال الذات مع فرض أنها لزوجها في الدنيا فيه نظر وكذا قوله إذا قيل كيف وقد صح الخبر به وهو { أن المرأة لآخر أزواجها روته أم الدرداء لمعاوية لما خطبها بعد موت أبي الدرداء } .

                                                                                                                              ويؤخذ منه أنه فيمن مات وهي في عصمته ولم تتزوج بعده فإن لم تكن في عصمة أحدهم عند موته احتمل القول بأنها تخير وأنها للثاني ولو مات أحدهم وهي في عصمته ثم تزوجت وطلقت ثم ماتت فهل هي للأول أو الثاني ؟ ظاهر الحديث أنها للثاني وقضية المدرك أنها للأول وأن الحديث محمول على ما إذا مات الآخر وهي في عصمته وفي حديث رواه جمع لكنه ضعيف { المرأة منا ربما يكون لها زوجان في الدنيا فتموت ويموتان ويدخلان الجنة لأيهما هي قال لأحسنهما خلقا كان عندها في الدنيا } .

                                                                                                                              ( ويقدم عليه ) ندبا { اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده } لأن هذا اللفظ صح عنه صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 140 ] قوله : ثم رأيت شيخنا قال إلخ ) هذا الذي حكاه عنه لم أره في شرح البهجة بل لم يتعرض لبيان ذلك فيه مطلقا ولا في شرح الروض بل الذي فيه ما نصه : وصدق قوله " وأبدله زوجا خيرا من زوجه " فيمن لا زوجة له وفي المراد إذا قلنا بأنها مع زوجها في الآخرة بأن يراد في الأول ما يعم الفعلي والتقديري وفي الثاني ما يعم إبدال الذات وإبدال الهيئة ا هـ ولا يخفى أنه لم يرد بقوله " بأن يراد في الأول إلخ " أن المراد بالنسبة للأول بخصوصه الأعم من الفعلي والتقديري حتى يكون الإبدال بالنسبة لمن لا زوجة له تارة يكون فعليا وتارة يكون تقديريا ويتوجه حينئذ أن هذا التعميم لا يتصور فيه بل لا يتصور أن يكون إلا تقديريا ولا بقوله " وفي الثاني إلخ " أن المراد بالنسبة للثاني بخصوصه الأعم من إبدال الذات وإبدال الصفة حتى يكون الإبدال بالنسبة للمرأة المذكورة تارة يكون إبدال ذات وتارة يكون إبدال صفة ويتوجه حينئذ أنه لا يتصور كونه إبدال ذات بل إنما يتصور كونه إبدال صفة بل لفظة في للتعليل .

                                                                                                                              والمراد أنه أراد في هذا الدعاء بالإبدال الأعم من الفعلي والتقديري لأجل الأول أي لأجل أن يتناول الأول فإن الإبدال فيه تقديري فلو لم يرد بالإبدال الأعم لم يشمله ومن إبدال الذات وإبدال الصفة لأجل الثاني أي لأجل أن يتناول الثاني إذ الإبدال فيه إبدال صفة لا ذات فلو لم يرد الأعم لم يشمله والحاصل أن المراد أعم من الإبدال بالفعل كما فيمن له زوجة وبالتقدير كما فيمن لا زوجة له ومن إبدال الذات كما فيمن طلقت زوجته وماتت في عصمة غيره وإبدال الصفة كما فيمن ماتت في عصمة زوجها وعلى تقدير أن هذا اللفظ الذي حكاه عن الشيخ وقع له في بعض كتبه فمراده منه ما بيناه .

                                                                                                                              فقوله فيه بأن يراد بإبدالها إلخ معناه بأن يراد به القدر المشترك بين إبدال الذات وإبدال الصفة والقدر المشترك متحقق فيها فقد ظهر اندفاع هذا النظر وأنه لا منشأ له إلا عدم التأمل فتأمل ( قوله : يراد بإبدالها ) أي بإبدال الزوجة مطلقا لا الزوجة المذكورة وقوله " ما يعم إبدال الذوات " أي كما إذا قلنا إنها ليست لزوجها في الدنيا كما [ ص: 141 ] دل عليه قوله : إذا قيل إلخ فإنه يشعر بخلاف في المسألة ، وقوله " وإبدال الصفات " أي كما إذا قلنا إنها لزوجها في الدنيا وبهذا يندفع نظر الشارح المبني على أن الهاء في قول الشيخ بأن يراد بإبدالها للزوجة المذكورة فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : وكذا قوله : إذا قيل كيف وقد صح الخبر به إلخ ) إن ثبت خلاف لم يرد على الشيخ صحة الخبر فتأمله ( قوله : قال لأحسنهما خلقا كان عندها في الدنيا ) ظاهره وإن ماتت في عصمة الآخر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : وهو ) أي آخره ( كما بأصله ) أي في المحرر وتركه المصنف لشهرته نهاية ومغني ( قوله : أي ) كان الأولى تأخيره وإيصاله بقوله " نسيم إلخ " ( قوله : بفتح أولهما ) أي على الأفصح وإلا فيجوز في الروح الضم وفي السعة الكسر ع ش وشيخنا ( قوله : ومحبوبه إلخ ) بالرفع مبتدأ و ( قوله : فيها ) خبره والواو للحال أو بالجر عطفا على ما قبله وقوله " فيها " حال والواو للعطف شيخنا ( قوله : لبيان انقطاعه إلخ ) أي ذكر هذه الجملة لبيان إلخ أي ليحصل الرفق والرحمة منه سبحانه وتعالى بالمشفوع له ( قوله : ويجوز جره ) أي عطفا على " روح إلخ " ( أي ما يحبه ) أي الشيء الذي كان يحبه الميت عاقلا كان أو لا و ( قوله : ومن يحبه ) أي والشخص الذي كان يحب الميت ( قوله : بل هو ) أي الجر ( قوله : كأن يشهد إلخ ) أي في الظاهر شيخنا ( قوله : احتاج إليه إلخ ) عبارة شيخنا قوله " وأنت أعلم به منا " أي في الباطن والمقصود به تفويض الأمر إلى الله تعالى خوفا من كذب الشهادة في الواقع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : اللهم إنه نزل بك إلخ ) المقصود به التمهيد للشفاعة ليحصل الرفق منه تعالى بالميت فيقبل الشفاعة له شيخنا ( قوله : وأصبح فقيرا ) أي صار فقيرا إلى رحمتك شدة الافتقار فلا ينافي أنه كان فقيرا إلى رحمته تعالى قبل الموت أيضا شيخنا ( قوله : وقد جئناك إلخ ) أي قصدناك شيخنا قال ع ش هل ذلك مخصوص بالإمام كما في القنوت وإن غيره فيقول جئتك شافعا أو عام في الإمام وغيره فيقوله المنفرد بلفظ الجمع ؟ فيه نظر والأقرب الثاني اتباعا للوارد ولأنه ربما يشاركه في الصلاة عليه ملائكة وقد يؤيد ذلك ما سيأتي في كلام الشارح م ر في الصلاة على جنازته صلى الله عليه وسلم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : محسنا ) أي بعمل الطاعات والأعمال الصالحة و ( قوله : في إحسانه ) أي في جزاء إحسانه وثوابه .

                                                                                                                              و ( قوله : وإن كان مسيئا إلخ ) هذا في غير الأنبياء أما فيهم فيأتي بما يليق بهم وقال بعضهم : يأتي بذلك ولو في الأنبياء اتباعا للوارد ويحمل على الفرض فالمعنى وإن كان مسيئا فرضا أو على أنه من باب " حسنات الأبرار سيئات المقربين " فالمراد بالسيئات الأمور التي لا تليق بمرتبتهم وإن كانت حسنات لكون غيرها أعلى منها فتعد بالنسبة لمقامهم سيئات شيخنا عبارة ع ش والذي يظهر أن الأولى ترك قوله " وإن كان مسيئا فتجاوز عنه " في حق الأنبياء لما فيه من إيهام أنهم قد يكونون مسيئين فيقتصر على غيره من الدعاء ويزيد - إن شاء - على الوارد ما يليق بشأنهم - صلى الله وسلم عليهم أجمعين - وبقي ما لو ترك بعض الدعاء هل يكره أو لا ؟ فيه نظر والأقرب الثاني ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فاغفر له إلخ ) عبارة غيره فتجاوز عنه بإسقاط اغفر له .

                                                                                                                              ( قوله : ولقه ) بسكون هاء الضمير وكسرها مع الإشباع ودونه أي أنل الميت وأعطه و ( قوله : وقه فتنة القبر ) أي واحفظه من التلجلج في جواب سؤال الملكين وفي هائه ما تقدم آنفا من التسكين والكسر مع الإشباع ودونه والمراد من ذلك توفيقه للجواب وإلا فالسؤال عام لكل أحد وإن لم يقبر كالغريق والحريق وإن سحق وذر في الهواء [ ص: 139 ] أو أكلته السباع فالتقييد بالقبر جرى على الغالب نعم يستثنى من عمومه الأنبياء وشهداء المعركة وكذا الأطفال فلا يسألون على المعتمد لعدم تكليفهم و ( قوله : وعذابه ) من عطف العام على الخاص و ( قوله : وافسح له إلخ ) أي وسع له فيه بقدر مد البصر إن لم يكن غريبا وإلا فمن محل دفنه إلى وطنه ، والقبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار و ( قوله : وجاف الأرض ) أي باعدها والمراد منه تخفيف ضمة القبر عليه و ( قوله : ولقه إلخ ) فيه ما تقدم و ( قوله : من عذابك ) أي الشامل لما في القبر ولما في يوم القيامة و ( قوله : حتى تبعثه ) أي إلى أن تبعثه شيخنا .

                                                                                                                              ( قوله : وهذا التقطه ) إلى قوله " وظاهر أن المراد " في النهاية والمغني إلا قوله " وليحذر " إلى " وفي الخنثى " وقوله " وفي نص الشافعي " إلى " إنما يأتي " ، وقوله " وظاهر أنه أولى " ( قوله : وهذا التقطه الشافعي إلخ ) يريد أنه لم يرد في حديث واحد هكذا سم على المنهج عن الشيخ عميرة ا هـ ع ش ( قوله : وفي الأنثى إلخ ) عبارة شيخنا قوله : هذا عبدك أي هذا الميت الحاضر متذلل وخاضع لك و ( قوله : وابن عبديك ) المراد بهما أبو الميت وأمه هذا إن كان له أب فإن لم يكن له أب كسيدنا عيسى ، وابن الزنا قال فيه : وابن أمتك وهذا في الذكر وأما الأنثى فيقول فيها هذه أمتك وبنت عبديك إن كان لها أب ، فإلا كبنت الزنا فالقياس أن يقول : وبنت أمتك وفي الخنثى يقول : هذا مملوكك وولد عبديك إن كان له أب فإلا قال : وولد أمتك ويجوز التذكير مطلقا على إرادة الشخص والتأنيث مطلقا على إرادة النسمة فإن كانا اثنين مذكرين أو مذكرا ومؤنثا قال هذان عبداك وابنا عبديك أو مؤنثين قال : هاتان أمتاك وبنتا عبيدك وإن كانوا جمعا مذكرا أو مذكرا ومؤنثا قال : هؤلاء عبيدك وأبناء عبيدك ، أو مؤنثا قال : هؤلاء إماؤك وبنات عبيدك ويراعى جميع ذلك فيما بعد إلا في قوله وأنت خير منزول به فيجب تذكير هذا الضمير وإفراده وإن كان الميت أنثى أو أنثيين أو جمعا لأنه ليس عائدا على الميت بل على الموصوف المحذوف .

                                                                                                                              والتقدير وأنت خير كريم منزول به فتعليل المحشي بقوله لأنه عائد على الله فيه نظر وإن اشتهر فإن أنثه على معنى وأنت خير أنثى منزول بها كفر لاستلزام ذلك تأنيث الله تعالى أو على معنى خير ذات منزول بها لم يكفر وكذا إن جمعه على معنى " وأنت خير كرام منزول بهم " شيخنا ( قوله : يبدل العبد بالأمة ) هذا على المشهور أما على قول ابن حزم إن العبد يشمل الأمة فلا حاجة إلى الإبدال وينبغي أن يختار في هذا المحل بخصوصه وقوفا مع لفظ الوارد فتأمله و ( قوله : كعكسه ) إن أراد الجواز الصناعي فواضح لكن الأولى اجتنابه لأنه تغيير للوارد من غير ضرورة بصري ( قوله : بإرادة النسمة ) أي النفس كردي عبارة المغني على إرادة لفظ الجنازة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وليحذر من تأنيث " به " إلخ ) أي ضمير " به " فإنه راجع إلى الله تعالى ع ش وفي البجيرمي بعد ذكر مثله عن الزيادي وغيره ما نصه : واعترض بأنه عائد على موصوف مقدر أي خير كريم منزول به ، ويجوز تقدير المحذوف جمعا - أي خير كرماء فيجمع الضمير أي بهم - ، ومؤنثا أي خير ذات فيؤنث أي بها .

                                                                                                                              وقال شيخنا الحفني : وهو متعين وما وقع في الحواشي من رجوعه لله تعالى لا يظهر أصلا ا هـ أي لأنه يصير التقدير عليه وأنت يا الله خير منزول بالله وهذا لا معنى له ا هـ وتقدم عن شيخنا ما يوافقه ويمكن حمل كلام الشارح على الأولى من صور التقدير الثلاث المتقدمة عن شيخنا ( قوله : كمملوكك ) ومثله العبد على إرادة الشخص كما مر في الأنثى ع ش ( قوله : ذكور وإناث ) الظاهر أن المراد الجنس ولو واحدا بصري ( قوله : وقوله : إلخ ) مبتدأ خبره قوله : إنما يأتي إلخ و ( قوله : وفي نص الشافعي : وابن عبدك ) جملة اعتراضية ( قوله : وفيما إذا اجتمع ذكور إلخ ) عبارة النهاية والقياس أنه لو صلى على جمع معا يأتي فيه بما يناسبه فلو قال في ذلك اللهم هذا عبدك بتوحيد المضاف واسم الإشارة صحت صلاته كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى إذ لا اختلال في صيغة الدعاء أما اسم الإشارة فلقول أئمة النحاة إنه قد يشار بما للواحد للجمع ولما مر عن الفقهاء من جواز التذكير في الأنثى على إرادة الشخص وأما لفظ العبد فلأنه مفرد مضاف لمعرفة فيعم أفراد من أشير إليه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وإنما يأتي في معروف الأب ) محل تأمل بل يمكن إبقاؤه فيه على الوارد أيضا نظرا لأصول أمه أو بالنظر إلى إطلاق اللغة والعرف العام فليتأمل بصري ( قوله : وفي مسلم دعاء طويل إلخ ) ويأتي فيه ما مر من التذكير والإفراد وضدهما فلو أخره وذكره بعد هذا [ ص: 140 ] الدعاء كما في النهاية والمغني كان أولى ( قوله : وظاهر أنه أولى ) عبارة الأسنى وهذا أصح دعاء الجنازة كما في الروضة عن الحفاظ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : واعف عنه ) أي عما صدر منه ع ش ( قوله : بالماء والثلج والبرد ) هذه الثلاثة بالتنكير في النهاية والمغني ( قوله : وزوجا خيرا من زوجه ) قضيته أن يقال ذلك وإن كان الميت أنثى سم على البهجة ا هـ ع ش ( قوله : وظاهر أن المراد بالإبدال إلخ ) قد يقال ما يأتي في إلحاق الذرية والزوجة إنما هو في الجنة والغرض الآن الدعاء له بما يزيل الوحشة عنه عقب الموت في عالم البرزخ بالتمتع بنحو الحور ومصاحبة الملك كما ورد ثبوت ذلك للأخيار في كثير من الأخبار فلا مانع أن يراد بالإبدال في الذوات فقط ويحمل على ما تقرر أو فيها في الصفات فيشمل ما في الجنة أيضا فليتأمل .

                                                                                                                              وبه يعلم اندفاع تنظيره الآتي في كلام شيخ الإسلام بصري ( قوله : لقوله تعالى إلخ ) وقوله : والخبر إلخ نشر على ترتيب اللف ( قوله : رأيت شيخنا قال إلخ ) هذا الذي حكاه عنه لم أره في شرح البهجة بل لم يتعرض لبيان ذلك فيه مطلقا ولا في شرح الروض بل الذي فيه ما نصه : وصدق قوله " وأبدله زوجا خيرا من زوجه " فيمن لا زوجة له وفي المرأة إذا قلنا بأنها مع زوجها في الآخرة بأن يراد في الأول ما يعم الفعلي والتقديري وفي الثاني ما يعم إبدال الذات وإبدال الهيئة ا هـ وفي في قوله في الأول وقوله في الثاني للتعليل ومراده أنه أراد في هذا الدعاء بالإبدال الأعم من الفعلي والتقديري لأجل أن يتناول الأول فإن الإبدال فيه تقديري ومن إبدال الذات وإبدال الصفة لأجل أن يتناول الثاني فإن الإبدال فيه إبدال صفة لا ذات والحاصل أن المراد الأعم من الإبدال بالفعل كما فيمن له زوجة وبالتقدير كما فيمن لا زوجة له ومن إبدال الذات - كما فيمن طلقت زوجته وماتت في عصمة غيره - وإبدال الصفة كما فيمن ماتت في عصمة زوجها وعلى تقدير أن هذا اللفظ الذي حكاه عن الشيخ وقع له في بعض كتبه .

                                                                                                                              فمراده منه ما بيناه فقوله فيه يراد بإبدالها إلخ معناه يراد به القدر المشترك بين إبدال الذات وإبدال الصفة والقدر المشترك متحقق فيها فقد ظهر اندفاع النظر الآتي سم وما يأتي عن النهاية مثل ما حكاه عن شرح الروض ( قوله : لمن لا زوجة إلخ ) أي بالنسبة له ( قوله : يصدق إلخ ) خبر " وقوله إلخ " ( قوله : أن لو كانت إلخ ) كلمة " أن " هنا بفتح الهمزة وسكون النون مفسرة للضمير المجرور في قوله بتقديرها إلخ ( قوله : يراد بإبدالها ) أي بإبدال الزوجة مطلقا لا الزوجة المذكورة و ( قوله : ما يعم إبدال [ ص: 141 ] الذوات ) أي كما إذا قلنا إنها ليست لزوجها في الدنيا كما دل عليه قوله : إذا قيل إلخ فإنه يشعر بخلاف في المسألة و ( قوله : وإبدال الصفات ) أي كما إذا قلنا إنها لزوجها في الدنيا وبهذا يندفع نظر الشارح المبني على أن الهاء في قول الشيخ " أن يراد بإبدالها " للزوجة المذكورة فليتأمل سم ويأتي عن النهاية ما يصرح بوجود الخلاف في المسألة .

                                                                                                                              ( قوله : بإبدالها زوجا خيرا من زوجها ) الأنسب تذكير الضميرين ( قوله : فيه نظر ) علم جوابه مما تقدم وقوله : وكذا قوله : إلخ يجوز أن يكون مراد شيخ الإسلام إذا قال قائل أو اعترض معترض بأنها لزوجها كما صح به الخبر فكيف يطلب إبداله بالنسبة إليها فيجاب بأنه يراد بالإبدال حينئذ ما يعم إلخ إلا أن مراده تضعيف هذا القول وهذا الاحتمال واضح جلي لا غبار عليه فالحمل عليه أولى من اعتراضه ثم رأيت في نسخة من شرح الروض عبارتها إذا قلنا بأنها مع زوجها في الآخرة بصري ويأتي عن النهاية مثل ما في هذه النسخة ( قوله : كيف وقد صح الخبر إلخ ) إن ثبت خلاف لم يرد على الشيخ صحة الخبر فتأمله سم ويصرح بثبوت الخلاف في المسألة قول النهاية ما نصه وصدق قوله : وأبدله زوجا خيرا من زوجه فيمن لا زوجة له وفي المرأة إذا قلنا بأنها مع زوجها في الآخرة وهو الأصح بأن يراد في الأول ما يعم الفعلي والتقديري وفي الثاني وما يعم إبدال الذات وإبدال الهيئة ا هـ أي الصفة ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : ويؤخذ منه أنه إلخ ) محل تأمل لأن لفظ الحديث صادق بهذا وبالصورة التي ذكرها عقب ذلك وتردد فيها أي تكون للثاني بمقتضى الحديث ، وكون الرواية صورتها الأولى لا يخصص بصري وقد يفرق بين الصورتين بأن الصورة الأولى صريح الحديث والثانية ظاهره كالثالثة إذ لفظ الأزواج أظهر في بقاء العصمة حين الموت ( قوله : ظاهر الحديث إلخ ) أي في الصورة الثالثة وكذا في الثانية بالأولى ( قوله : أنها للثاني ) أقول وهو كذلك بصري ( قوله : وقضية المدرك أنها للأول ) لم يظهر توجيهه فليتأمل بصري وقد يقال : وجهه دوام العصمة في حياة الأول دون الثاني ( قوله : وأن الحديث إلخ ) عطف على قوله " أنها إلخ " ( قوله : لأحسنهما خلقا إلخ ) ظاهره وإن ماتت في عصمة الآخر سم قول المتن ( عليه ) أي على الدعاء المار نهاية ( قوله : ندبا ) إلى قوله " وفي ذكره " في النهاية والمغني إلا قوله " واغفر لنا وله " وقوله " ومن ثم " إلى " والظاهر " .

                                                                                                                              ( قوله : لأن إلخ ) متعلق بقول المتن ويقدم إلخ عبارة النهاية والمغني وقدم هذا ثبوت لفظه في مسلم وتضمنه الدعاء للميت بخلاف ذلك فإن بعضه مروي بالمعنى وبعضه باللفظ ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية