الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الثاني : فيما يجوز الانتفاع به من غير قسم ، وفي ( الكتاب ) : يجوز أخذ الطعام من الغنيمة والعلف والغنم والبقر للأكل ، والجلود للنعال والخفاف ، والحوائج بغير إذن الإمام ، وقال الأئمة ، لما في مسلم عن عبد الله بن جعفر ، قال : أصبت جرابا من شحم يوم خيبر فالتزمته وقلت : لا أعطي اليوم أحدا من هذا شيئا فالتفت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مبتسما . ووصى الصديق - رضي الله عنه - يزيد بن أبي سفيان : لا تذبحن شاة إلا لمأكلة ، قال ابن يونس ، قال ابن القاسم : وإذا ضم الإمام ما فضل عن ذلك ثم احتاج الناس إليه أكلوا منه بغير أمره ، وفي ( الكتاب ) : يؤخذ السلاح ، يقاتل به ثم يرده . وكذلك الدابة ويركبها إلى بلده إن احتاج إليها ثم يردها إلى الغنيمة ، فإن قسمت الغنيمة باعها [ ص: 419 ] وتصدق بثمنها ، وكذلك كل ما يحتاج إلى لبسه من الثياب ، وروي عن ابن وهب : لا ينتفع بسلاح ولا دابة ولا ثوب ، ولو جاز ذلك لجاز أخذ العين يشتري به ، وما فضل من الطعام بعد رجوعه إلى بلده ، قال ابن القاسم وسالم : يأكله ويكره بيعه ، وقال مالك : يأكل القليل ويتصدق بالكثير ، وكل ما أذن في النفع به ببيع رجع ثمنه مغنما يخمس .

                                                                                                                ( تمهيد ) : الأصل المنع من الانتفاع بمال الغنيمة لا بعد القسمة لحصول الاشتراك في السبب ، لكن الحاجة تدعو المجاهدين لتناول الأطعمة لعدم الأسواق بدار الحرب ، وهو ضرورة عامة ، والضرورة إلى الدواب خاصة فتارة لاحظ مطلق الضرورة فعمم ، وتارة راعى الحاجة الماسة فخص ، وأما النقدان : فهما وسيلتان للمقاصد ، وليسا مقصودين فلا جرم امتنعا مطلقا ، قال : وإذا أخذ هذا لحما وهذا عسلا فلأحدهما منع صاحبه حتى يقايضه ، قالابن يونس كره بعضهم التفاضل بين القمح والشعير في هذا ، وخففه آخرون ، وفي ( الكتاب ) : من نحت سرجا أو برى سهما ببلد العدو فهو له ولا يخمس ، وإن كان يسيرا وما كسب من صيد طير أو حيتان أو صنعه عبده من الفخار فهو له ، وإن كثر ، قال ابن يونس : قيل إن كان للسرج قدر أخذه أجرة ما عمل والباقي فيء ، وإذا باع صيدا صار ثمنه فيئا ، وقال ابن حبيب : كل ما صنعه بيده إنما له الأجرة ، وما صاده من البزاة ونحوها مما يعظم خطره فمغنم بخلاف الحيتان ; لأن هذه الأمور إنما وصل إليها في أرض الحرب بالمشركين ، وفي ( الجواهر ) : يجوز ذبح الأنعام للأكل ، ويقول : لا يجوز إذا ذبحت للانتفاع بجلدها إن احتيج إليه ، وإلا رده إلى المغانم ، ويباح للأكل لمن معه طعام ، ولمن ليس معه بقدر الحاجة ، وإن فضل شيء بعد تفرق المشركين تصدق به إن كان كثيرا وإلا انتفع به .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية