الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الأول : في السبب الموجب ، وفيه فروع أربعة : الأول : في ( الكتاب ) : لا صدقة في الغنم إلا في أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة ، وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان إلى مائتي شاة ، وفي مائتين وشاة ثلاث شياه ، إلى ثلاثمائة فما زاد ، ففي كل مائة شاة . وقال النخعي : إذا بلغت ثلاثمائة ففيها أربع شياه إلى أربعمائة ففيها خمس شياه ; لأنه عليه السلام جعل الثلاثمائة حدا للوقص ، والوقص يتعقبه النصاب ، وقوله عليه السلام فما زاد ففي كل مائة شاة ، يبطله وينتقض ما ذكره بالمائة والعشرين من الإبل ، ( الثاني ) : في ( الكتاب ) : إذا كمل النصاب بالولادة قبل مجيء الساعي فيوم زكا خلافا للأئمة ، واتفق الجميع على أن السخال تعد إذا كانت الأمهات نصابا ، لنا : ما في ( الموطأ ) أن عمر - رضي الله عنه - بعث عبد الله الثقفي مصدقا ، فكان يعد على الناس السخال ، فقالوا له : [ ص: 96 ] أتعد علينا بالسخال ، ولا تأخذ منها شيئا ؟ فلما قدم على عمر - رضي الله عنه - ذكر ذلك له فقال - رضي الله عنه - نعم تعد عليهم بالسخلة يحملها الراعي ولا تأخذها ولا تأخذ الأكولة ولا الربى ولا الماخض ولا فحل الغنم ، وتأخذ الجذعة والثنية ، وذلك عدل بين غذاء المال وخياره .

                                                                                                                فوائد : الربى بضم الراء وتشديد الباء مقصور ، التي تربي ولدها ، وهي من الإبل عائد ، وجمعه عود ، وجمع الربى ربات ، ومن ذوات الحوافر : فريش وجمعها فرش ، ومن الآدميات : نفساء وجمعها : نفاس ونفساوات ، والماخض : الحامل ، والمخاض وجع الطلق ، ومنه قوله تعالى : ( فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ) . ( مريم : 23 ) والأكولة : شاة اللحم التي تسمن لتؤكل ، وقال ابن حبيب : التي يكثر أكلها ، والغذا بالغين والذال المعجمتين صغار السخال ، واحدها غذي ، وكأنه من الغذاء ; لأنها تغتذي بلبن أمها ، وهي شديدة الحاجة إليه ، ويجوز أن يكون عبر به ها هنا عن ذوي المال تحرزا ، ويؤكد ذلك مقابلته بهذه .

                                                                                                                ( الثالث ) : في ( الكتاب ) : تؤخذ الصدقة من الغنم المعلوفة والسائمة . وكذلك الإبل والبقر خلافا ل ( ش ) و ( ح ) في المعلوفة ، والعوامل ، وإن لم تكن معلوفة ، محتجين بمفهوم قوله عليه السلام : ( في سائمة الغنم إذا بلغت أربعين إلى عشرين ومائة شاة ) وقوله عليه السلام : ( في كل سائمة إبل في أربعين بنت لبون ) فخص ذلك بالسائمة وهي التي لا تعلف ، وجوابه : أن المفهوم إن قلنا إنه حجة ، فالإجماع على أنه إذا خرج مخرج الغالب لا يكون حجة ، وغالب الأنعام اليوم لا سيما في الحجاز فلا يكون حجة ، سلمنا سلامته عن معارض الغلبة . لكن المنطوق مقدم عليه إجماعا ، وهو معنى قوله عليه السلام : ( في كل أربعين شاة شاة ) وقوله عليه السلام : ( في أربع وعشرين فدونها الغنم في كل خمس [ ص: 97 ] شاة ) وهو عام بمنطوقه ، ويؤكده : أن الزكاة إنما وجبت في الأموال النامية شكرا لنعمة النماء في الأموال ، والعلف يضاعف الجسد ، والعمل يضاعف المنافع فيكون هذا من باب مفهوم الموافقة لا مفهوم المخالفة ، فثبت الحكم في صورة النزاع بطريق الأولى ، وانعقد الإجماع على أن كثرة المؤنة لا يؤثر في إسقاط الزكاة ، بل في تنقيصها كالشيح والنفح والمعدن مع الركاز .

                                                                                                                الرابع : قال ابن القاسم في ( الكتاب ) : تضم أصناف النوع الواحد من الماشية فيضم الضأن إلى المعز ، والجوامس إلى البقر ، والبخت إلى العراب ، وقاله الأئمة ، لصدق الاسم في الجميع وتقارب المنفعة ، كما جمعت أنواع الثمار ، والذهب مع الفضة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية