الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1439 109 - حدثنا معاذ بن فضالة قال: حدثنا أبو عمر، عن زيد، عن عياض بن عبد الله بن سعد، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعا من طعام. وقال أبو سعيد: وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: "يوم الفطر" ولكن لا يدل على إخراجها قبل الخروج إلى الصلاة صريحا كما [ ص: 119 ] في حديث ابن عمر السابق، ومعاذ -بضم الميم- ابن فضالة -بفتح الفاء وتخفيف الضاد المعجمة- وقد مر في الصلاة، وأبو عمر -بضم العين- هو حفص بن ميسرة، وقد مر الآن، وزيد هو زيد بن أسلم، وقد مر عن قريب.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وكان طعامنا الشعير" يدل صريحا على أن المراد من قوله: "صاعا من طعام" أنه أحد الأصناف المذكورة، وقد حققنا الكلام فيه فيما مضى.

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني: قوله: "قال أبو سعيد" مناف لما تقدم من قولك: إن الطعام هو الحنطة، ثم أجاب عن هذا نصرة لمذهبه بقوله: لا نزاع في أن الطعام بحسب اللغة عام لكل مطعوم، إنما البحث فيما يعطف عليه الشعير وسائر الأطعمة، فإن العطف قرينة لإرادة المعنى العرفي منه وهو البر بخصوصه.

                                                                                                                                                                                  (قلت): لا نسلم أن معنى هذا العطف هو الذي قاله بل هذا العطف يدل على أن الطعام الذي ذكره أبو سعيد هو أحد الأصناف التي ذكرها فيه؛ لأنه مثل التفسير لما قبله، والأصل استعمال الألفاظ في معانيها اللغوية كما عرف في موضعه، ثم قال الكرماني أيضا: لم لا يكون من باب عطف الخاص على العام، نحو فاكهة ونخل ورمان ؟ وأجاب بأن هذا العطف إنما هو فيما إذا كان الخاص أشرف، وهذا بعكس ذلك.

                                                                                                                                                                                  (قلت): لا نسلم دعوى عكس الأشرفية فيما نحن فيه ولا يخلو هذا إما من حيث اللغة أو الشرع أو العرف، وكل منها منتف، أما اللغة فليس فيها ذلك، وأما الشرع فعليه البيان فيه، وأما العرف فهو مشترك فافهم.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية