الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكره ماء مستعمل [ ص: 38 ] في حدث وفي غيره تردد ويسير : كآنية وضوء ، وغسل بنجس لم يغير أو ولغ فيه كلب [ ص: 39 ] وراكد يغتسل فيه .

التالي السابق


ولما كان بعض المطلق يكره استعماله نبه عليه بقوله :

( وكره ) بضم فكسر أن يستعمل ( ماء ) قليل كإناء غسل موجود غيره في رفع حدث وحكم خبث ، وطهارة مسنونة كغسل جمعة ، أو مندوبة كغسل عيد لا فيما لا يتوقف على المطلق كغسل ثوب طاهر ونعت " ماء " ( مستعمل ) بضم الميم الأولى وفتح الثانية أي الماء [ ص: 38 ] قبل ذلك ( في ) رفع ( حدث ) أو حكم خبث وهو المتقاطر من العضو المغسول ، والمغسول فيه العضو لا الجاري عليه ولا الباقي في الإناء بعد الاغتراف منه .

( وفي ) كراهة استعمال ماء مستعمل في ( غيره ) أي رفع الحدث وحكم الخبث مما يتوقف على المطلق ويصلى به كغسل إحرام ووضوء مجدد وغسله ثانية وثالثة لوجه ويدين ورجلين في رفع حدث وحكم خبث وطهارة مسنونة ، أو مندوبة وعدمها ( تردد ) أي في الحكم من المتأخرين لعدم نص المتقدمين وأما المستعمل فيما لا يتوقف على المطلق كغسل إناء طاهر ، أو فيما يتوقف عليه ولا يصلى به كوضوء لنوم ، أو زيارة صالح أو سلطان فلا يكره استعماله في متوقف على طهور .

( و ) كره أن يستعمل ماء ( يسير ) أي قليل كإناء غسل في رفع حدث ، أو حكم خبث وطهارة سنة ، أو مندوبة لا في غسل نحو ثوب طاهر قاله عبق وبحث فيه العدوي بأن مقتضى تعليل كرهه بمراعاة القول بنجاسته كرهه في العادات أيضا وهو وجيه ، وإن فرق بالتشديد في العبادة ومثل لليسير بقوله ( كآنية ) بمد الهمز وكسر النون أصله بهمزتين مفتوح فساكن فأبدل الثاني الفاء جمع إناء فالأولى كإناء ; لأنه نهاية القليل .

( وضوء وغسل ) وإناء الغسل قليل بالنسبة للمتوضئ أيضا وما دون إناء الوضوء كإناء الوضوء ونعت " يسير " بقوله خلط ( بنجس ) قدر قطرة مطر متوسطة كحمصة فأكثر منها لإناء وضوء وفوقها لإناء غسل نقله الرماصي عن البيان والمقدمات وابن عرفة واشترط الناصر الزيادة عليها لهما واكتفى بها الحطاب فيهما ونعت " نجس " بجملة .

( لم يغير ) النجس الماء ووجد غيره وليس له مادة ولم يجر فإن غيره نجسه ، وإن لم يوجد غيره ، أو كانت له مادة ، أو جرى فلا كراهة كالكثير الزائد على إناء غسل ، والمختلط بطاهر لم يغيره ، وإن استعمل المكروه وصلى به فلا يعيد وعطف على متعلق بنجس وهو " خلط " المقدر فقال ( أو ) يسير ( ولغ ) بفتح اللام وحكي كسرها أي أدخل ( فيه ) أي اليسير ( كلب ) [ ص: 39 ] لسانه وحركه فيه ولو تيقنت سلامة فمه من النجاسة ووجد غيره لا إن لم يحركه فيه ولا إن سقط لعابه فيه بدون إدخال لسانه فيه ولا إن لم يوجد غيره عطف على " ماء " فقال : ( و ) كره أن يستعمل ( راكد ) أي غير جار ، وقوله ( يغتسل ) بضم المثناة تحت وفتح السين ( فيه ) أي الراكد تفسير لاستعماله المقدر فكأنه قال وكرهاستعمال راكد أي الاغتسال فيه أي من جنابة سند ، وقول أصبغ " أو غيرها " خارج عن قول الجماعة ومردود بالنسبة والنظر ابن مرزوق علم من كلام المصنف قصر الكراهة على الغسل دون الوضوء فيه ولكنه خلاف الأولى ، والسنة الاغتراف منه والاغتسال أو التوضؤ خارجه بحيث لا يعود إليه الماء المتقاطر من البدن ، أو الأعضاء ولو كثيرا غير مستبحر ولا ذي مادة كثيرة ولم يضطر إلى الاغتسال فيه ، وإن لم يسبق اغتسال فيه ولو نظف البدن وخلا عن الوسخ تعبدا فليست نعتا لراكد ، وإن كان متبادرا لإيهامه شرط تقدم الاغتسال فيه وليس كذلك .




الخدمات العلمية