الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وبول ، وعذرة من مباح إلا المغتذي بنجس ، وقيء ، إلا المتغير عن الطعام ; وصفراء ، [ ص: 49 ] وبلغم ; ومرارة مباح ، ودم لم يسفح ، ومسك وفأرته ، وزرع بنجس ، وخمر تحجر [ ص: 50 ] أو خلل

التالي السابق


( و ) الطاهر ( بول وعذرة ) أي رجيع وروث خرجا ( من مباح ) أكله في حياته ، أو بعد ذكاته ( إلا ) المباح ( المغتذي بنجس ) مأكول أو مشروب يقينا ، أو ظنا ، أو شكا وشأنه ذلك كدجاج وفأر واحترز بالمباح من المحرم والمكروه ففضلتهما نجسة .

( و ) الطاهر ( قيء ) أي طعام خرج من فم آدمي بعد وصوله إلى معدته ( إلا ) القيء ( المتغير عن ) صفة ( الطعام ) ولو لم يشبه العذرة في وصف من أوصافها وهذا ظاهر قول المدونة وما خرج من القيح بمنزلة الطعام فهو طاهر وما تغير عن حال الطعام فنجس ا هـ . فظاهرها أن المتغير نجس كيف كان المتغير وعليه حملها سند والباجي وابن بشير وابن شاس وابن الحاجب والمصنف وحملها اللخمي وعياض على أنه لا ينجس حتى يشبه العذرة ، ويقرب منه قول التونسي وابن رشد : إن شابه أحد أوصاف العذرة ، أو قاربها . فتحصل أنه إن شابهها تنجس اتفاقا ، وإن بقي على حالة الطعام فطاهر اتفاقا ، وإن تغير ولم يشبهها بأن استعد للهضم عند ابن فرحون ، أو ظهرت فيه حموضة عند البساطي ففيه خلاف مشهوره النجاسة وجعل الحطاب القلس بفتح اللام كالقيء وتبعه جمع من الشارحين ورده الرماصي بأنه لا ينجس إلا بمشابهة العذرة اتفاقا قال ابن رشد في سماع أشهب : القلس ماء حامض طاهر ا هـ . وتبعه العدوي .

( و ) الطاهر ( صفراء ) بفتح الصاد المهملة وسكون الفاء ممدودا وهو مائع أصفر منعقد يشبه الصبغ الزعفراني يخرج من المعدة وهي طاهرة لعلة الحياة فما يخرج [ ص: 49 ] منها فهو طاهر وعلة نجاسة القيء المتغير الاستحالة إلى فساد لا وصوله لها ، وإلا كان نجسا ولو لم يتغير ولا قائل به ( و ) الطاهر ( بلغم ) وهو المنعقد كالمخاط يخرج من الصدر أو يسقط من الرأس من آدمي ، أو غيره .

( و ) من الطاهر ( مرارة مباح ) أو مكروه مذكى ومراده بها مائع أصفر مر في كيس ملزق بزائد الكبد لا نفس الكيس لدخوله في قوله وجزؤه وهو غير الصفراء ; لأنها تخرج من المعدة والحيوان حي ، والمرارة لا تخرج إلا بعد الموت بفصل ما هي فيه من زيادة الكبد ولذا أضافها للمباح وأطلق الصفراء

( و ) الطاهر ( دم لم يسفح ) بضم المثناة تحت وسكون السين وفتح الفاء آخره حاء مهملة أي لم يجر عند موجب الجريان من ذبح ونحر وجرح وهو الباقي في العروق والموجود في القلب حين شقه والراشح من اللحم حال تقطيعه ، وأما ما يوجد في جوف الحيوان بعد ذبحه ، أو نحره ، والمتجمد على محل الذبح والنحر فهو مسفوح نجس انعكس إلى الجوف .

( و ) من الطاهر ( مسك ) بكسر الميم الجوهري : فارسي معرب ومفتوحها الجلد ، وإنه كان أصله دما لاستحالته إلى صلاح وأكله مباح بدليل قولهم يجوز للمحرم أكل الطعام الممسك إذا أماته الطبخ ولو صبغ الفم ولو أخذ من ميتة ، والفرق بينه وبين البيض الخارج بعد الموت شدة الاستحالة إلى صلاح ( و ) من الطاهر ( فأرته ) أي الجلدة التي يجتمع المسك فيها في تعين همزه وعدمه خلاف وتسمى نافحة أيضا .

( و ) من الطاهر ( زرع ) سقي ( بنجس ) ، أو نبت من بذر نجس وظاهره نجس فيغسل قبل أكله ، أو حمله في الصلاة والطواف ( و ) منه ( خمر تحجر ) بفتحات مثقلا أي صار كحجر في اليبس إذا ذهب منه الإسكار فإن كان باقيا فيه بحيث إذا بل وشرب يسكر فهو نجس قاله المازري وتوقف فيه عج وعب البناني : لم يبق لأحد توقف فيه بعد نقله عن المازري . [ ص: 50 ]

( أو خلل ) بضم فكسر مثقلا أي الخمر فالمتخلل بنفسه أولى بالطهارة وكذا ما حجر ولعل في المتن احتباكا ، والأصل تحجر ، أو حجر ، أو تخلل أو خلل ، والخمر مؤنثة ولعله ذكرها باعتبار كونها شرابا مثلا ، أو على لغة قليلة ، وإذا طهرت بالتحجر ، أو التخلل طهر إناؤها تبعا لها ولو فخارا غاصت فيه فهو مستثنى من فخار بغواص اختلف في حكم القدوم على تخليلها بالحرمة لوجوب إراقتها ، والكراهة ، والإباحة ويمنع التداوي بها لو مستهلكة في غيرها وسلبت منافعها بتحريمها ولم يبق فيها إلا الضرر والله أعلم .




الخدمات العلمية