الوجه السابع عشر : أن المعلومات المعانية التي لا تدرك إلا بالخبر أضعاف المعلومات التي تدرك بالحس والعقل ، بل لا نسبة بينهما بوجه من الوجوه ، ولهذا كان إدراك السمع أعم وأشمل من إدراك البصر ، فإنه يدرك الأمور المعدومة والموجودة والحاضرة والغائبة والمعلومات التي تدرك بالحس ، وهذا حجة من فضل السمع على البصر ، ورجح آخرون البصر لقوة إدراكه ، وجزم بأنه يدركه ، وبعده من الغلط ، وفصل النزاع بينهما أن ما يدرك بالسمع أعم وأشمل ، وما يدرك بالبصر أتم وأكمل .
والمقصود أن الأمور الغائبة عن الحس نسبة المحسوس إليها كقطرة بحر ، ولا سبيل إلى العلم بها إلا الخبر الصادق ، وقد اصطفى الله من خلقه أنبياء أنبأهم من أنباء الغيب بما يشاء ، وأطلعهم منها على ما لم يطلع عليه غيرهم ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=179ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء )
[ ص: 121 ] وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=26عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=27إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ) وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=75الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير ) فهو سبحانه يصطفي من يطلعه من أنباء الغيب على ما لم يطلع عليه غيره ، وكذلك سمي ( نبيا ) من الإنباء ، وهو الإخبار ، لأنه مخبر من جهة الله ومخبر عنه فهو منبأ ، ومنبئ ، وليس كل ما أخبر به الأنبياء يمكن معرفته بدون خبرهم بل ولا أكثره ، ولهذا كان أكمل الأمم علما أتباع الرسل وإن كان غيرهم أحذق منهم في علم النجوم والهندسة ، وعلم الكم المتصل والمنفصل ، وعلم النبض والقارورة والأبوال ومعرفة قوامها ، ونحوها من العلوم التي لما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم بها وآثروها على علوم الرسل ، وهي كما قال الواقف على نهايتها : " ظنون كاذبة ، وإن بعض الظن إثم " ، وهي علوم غير نافعة ، فنعوذ بالله من علم لا ينفع ، وإن نفعت فنفعها بالنسبة إلى علوم الأنبياء كنفع العيش العاجل بالنسبة إلى الآخرة ودوامها .
فليس العلم في الحقيقة إلا ما أخبرت به الرسل عن الله عز وجل طلبا وخبرا ، فهو العلم المزكي للنفوس المكمل للفطر المصحح للعقول الذي خصه الله باسم العلم ، وسمى ما عارضه ظنا لا يغني من الحق شيئا وخرصا وكذبا ، فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم ) وشهد لأهله أنهم أولو العلم فقال سبحانه وتعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=56وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ) وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ) والمراد بهم أولو العلم بما أنزله على رسله ليس المراد بهم أولي العلم بالمنطق والفلسفة وفروعها ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=114ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما ) فالعلم الذي أمره باستزادته هو علم الوحي لا علم الكلام والفلسفة ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=166لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه ) أي أنزله وفيه علمه الذي لا يعلمه البشر ، فالباء للمصاحبة ، مثل قوله :
[ ص: 122 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله ) أي أنزل وفيه علم الله ، وذلك من أعظم البراهين على صدق نبوة من جاء به .
ولم يصنع شيئا من قال : إن المعنى : أنزله وهو يعلمه ، وهذا وإن كان حقا فإن الله يعلم كل شيء ، فليس في ذلك دليل وبرهان على صحة الدعوة ، فإن الله يعلم الحق والباطل ، بخلاف ما إذا كان المعنى أنزله متضمنا لعلمه الذي لا يعلمه غيره إلا من أطلعه الله وأعلمه به فإن هذا من أعظم أعلام النبوة والرسالة ، وقال فيما عارضه من الشبه الفاسدة التي يسميها أربابها : قواطع عقلية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=28إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ) وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=116إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ) وقال لمن أنكر المعاد بعقله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=24وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون ) والظن الذي أثبته سبحانه للمعارضين نصوص الوحي بعقولهم ليس هو الاعتقاد الراجح ، بل هو كذب الحديث ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=10قتل الخراصون nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=11الذين هم في غمرة ساهون ) .
وأنت إذا تأملت ما عند هؤلاء المعارضين لنصوص الأنبياء بعقولهم رأيت كله خرصا ، وعلمت أنهم هم الخراصون ، وأن العلم في الحقيقة ما نزل به الوحي على الأنبياء والمرسلين وهو الذي أقام الله به حجته ، وهدى به أنبياءه ورسله وأتباعهم وأثنى عليهم فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=151كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ) وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=113وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما ) وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=164لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ) فهذه النعمة والتزكية إنما هي لمن عرف زعم أن ذلك مخالف لصريح العقل ، وأن العقول مقدمة عليه ، والله المستعان .
الثامن عشر : أن
nindex.php?page=treesubj&link=28446العقل تحت حجر الشرع فيما يطلبه ويأمر به ، وفيما يحكم به
[ ص: 123 ] ويخبر عنه ، فهو محجور عليه في الطلب والخبر ، وكما أن من عارض أمر الرسل بعقله لم يؤمن لهم وبما جاءوا به ، فكذلك من عارض خبرهم بعقله ، ولا فرق بين الأمرين أصلا ، يوضحه :
أن الله سبحانه حكى عن الكفار معارضة أمره بعقولهم كما حكى عنهم معارضة خبره بعقولهم ، أما الأول ففي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا ) فعارضوا تحريمه للربا بعقولهم التي سوت بين الربا والبيع ، فهذا معارضة النص بالرأي ، ونظير ما عارضوا به تحريم الميتة من قياسها على المذكاة وقالوا : تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله ، وفي ذلك أنزل الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ) وعارضوا أمره بتحويل القبلة وقالوا : إن كانت القبلة الأولى حقا فقد تركت الحق ، وإن كانت باطلا فقد كنت على باطل ، وإمام هؤلاء شيخ الطريقة إبليس عدو الله ، فإنه
nindex.php?page=treesubj&link=34020أول من عارض أمر الله بعقله ، وزعم أن العقل يقتضي خلافه .
وأما الثاني وهو معارضة خبره بالعقل فكما حكى الله سبحانه عن منكري المعاد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم ) وأخبر سبحانه أنهم عارضوا ما أخبر به من التوحيد بعقولهم ، وعارضوا أخباره عن النبوات بعقولهم وعارضوا بعض الأمثال التي ضربها بعقولهم ، وعارضوا أدلة نبوة رسوله صلى الله عليه وسلم بعقولهم فقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ) وأنت إذا صغت هذه المعارضة صوغا مزخرفا وجدتها من جنس معارضة المعقول للمنقول .
وكذلك قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=8أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها ) أي لو كان رسولا لخالق السماوات والأرض لما أحوجه أن يمشي بيننا في الأسواق في المعيشة ولأغناه عن أكل الطعام ولأرسل معه ملكا من الملائكة أو ألقى إليه كنزا يغنيه عن طلب الكسب .
[ ص: 124 ] وعارضوا شرعه ودينه الذي شرعه لهم على لسان رسوله وتوحيده بمعارضة عقلية ، واستندوا فيها إلى القدر ، فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=148سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=149قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين ) وحكى مثل هذه المعارضة في سورة النحل وفي سورة الزخرف ، وإذا تأملتها حق التأمل رأيتها أقوى بكثير من معارضة آيات الصفات بعقولهم ، فإن إخوانهم عارضوا بمشيئة الله للكائنات والمشيئة ثابتة في نفس الأمر ، والنفاة عارضوا بأصول فاسدة هم وضعوها من تلقاء أنفسهم ، أو تلقوه عن أعداء الرسل من
الصابئة والمجوس والفلاسفة ، وهي خيالات فاسدة .
الْوَجْهُ السَّابِعَ عَشَرَ : أَنَّ الْمَعْلُومَاتِ الْمَعَانِيَّةَ الَّتِي لَا تُدْرَكُ إِلَّا بِالْخَبَرِ أَضْعَافُ الْمَعْلُومَاتِ الَّتِي تُدْرَكُ بِالْحِسِّ وَالْعَقْلِ ، بَلْ لَا نِسْبَةَ بَيْنَهُمَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ ، وَلِهَذَا كَانَ إِدْرَاكُ السَّمْعِ أَعَمَّ وَأَشْمَلَ مِنْ إِدْرَاكِ الْبَصَرِ ، فَإِنَّهُ يُدْرِكُ الْأُمُورَ الْمَعْدُومَةَ وَالْمَوْجُودَةَ وَالْحَاضِرَةَ وَالْغَائِبَةَ وَالْمَعْلُومَاتِ الَّتِي تُدْرَكُ بِالْحِسِّ ، وَهَذَا حُجَّةُ مَنْ فَضَّلَ السَّمْعَ عَلَى الْبَصَرِ ، وَرَجَّحَ آخَرُونَ الْبَصَرَ لِقُوَّةِ إِدْرَاكِهِ ، وَجَزَمَ بِأَنَّهُ يُدْرِكُهُ ، وَبَعَّدَهُ مِنَ الْغَلَطِ ، وَفَصْلُ النِّزَاعِ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا يُدْرَكُ بِالسَّمْعِ أَعَمُّ وَأَشْمَلُ ، وَمَا يُدْرَكُ بِالْبَصَرِ أَتَمُّ وَأَكْمَلُ .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْأُمُورَ الْغَائِبَةَ عَنِ الْحِسِّ نِسْبَةُ الْمَحْسُوسِ إِلَيْهَا كَقَطْرَةِ بَحْرٍ ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى الْعِلْمِ بِهَا إِلَّا الْخَبَرُ الصَّادِقُ ، وَقَدِ اصْطَفَى اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ أَنْبِيَاءَ أَنْبَأَهُمْ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ بِمَا يَشَاءُ ، وَأَطْلَعَهُمْ مِنْهَا عَلَى مَا لَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ غَيْرَهُمْ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=179مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ )
[ ص: 121 ] وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=26عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=27إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=75اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) فَهُوَ سُبْحَانُهُ يَصْطَفِي مَنْ يُطْلِعُهُ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ عَلَى مَا لَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ غَيْرَهُ ، وَكَذَلِكَ سُمِّيَ ( نَبِيًّا ) مِنَ الْإِنْبَاءِ ، وَهُوَ الْإِخْبَارُ ، لِأَنَّهُ مُخْبَرٌ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ وَمُخْبِرٌ عَنْهُ فَهُوَ مُنَبَّأٌ ، وَمُنْبِئٌ ، وَلَيْسَ كُلُّ مَا أَخْبَرَ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِدُونِ خَبَرِهِمْ بَلْ وَلَا أَكْثَرُهُ ، وَلِهَذَا كَانَ أَكْمَلُ الْأُمَمِ عِلْمًا أَتْبَاعَ الرُّسُلِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ أَحْذَقَ مِنْهُمْ فِي عِلْمِ النُّجُومِ وَالْهَنْدَسَةِ ، وَعِلْمِ الْكَمِّ الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ ، وَعِلْمِ النَّبْضِ وَالْقَارُورَةِ وَالْأَبْوَالِ وَمَعْرِفَةِ قِوَامِهَا ، وَنَحْوِهَا مِنَ الْعُلُومِ الَّتِي لَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ بِهَا وَآثَرُوهَا عَلَى عُلُومِ الرُّسُلِ ، وَهِيَ كَمَا قَالَ الْوَاقِفُ عَلَى نِهَايَتِهَا : " ظُنُونٌ كَاذِبَةٌ ، وَإِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ " ، وَهِيَ عُلُومٌ غَيْرُ نَافِعَةٍ ، فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ ، وَإِنْ نَفَعَتْ فَنَفْعُهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى عُلُومِ الْأَنْبِيَاءِ كَنَفْعِ الْعَيْشِ الْعَاجِلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْآخِرَةِ وَدَوَامِهَا .
فَلَيْسَ الْعِلْمُ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَّا مَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ طَلَبًا وَخَبَرًا ، فَهُوَ الْعِلْمُ الْمُزَكِّي لِلنُّفُوسِ الْمُكَمِّلِ لِلْفِطَرِ الْمُصَحِّحُ لِلْعُقُولِ الَّذِي خَصَّهُ اللَّهُ بِاسْمِ الْعِلْمِ ، وَسَمَّى مَا عَارَضَهُ ظَنًّا لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا وَخَرْصًا وَكَذِبًا ، فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ) وَشَهِدَ لِأَهْلِهِ أَنَّهُمْ أُولُو الْعِلْمِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=56وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ ) وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) وَالْمُرَادُ بِهِمْ أُولُو الْعِلْمِ بِمَا أَنْزَلَهُ عَلَى رُسُلِهِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِمْ أُولِي الْعِلْمِ بِالْمَنْطِقِ وَالْفَلْسَفَةِ وَفُرُوعِهَا ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=114وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ) فَالْعِلْمُ الَّذِي أَمَرَهُ بِاسْتِزَادَتِهِ هُوَ عِلْمُ الْوَحْيِ لَا عِلْمُ الْكَلَامِ وَالْفَلْسَفَةِ ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=166لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ) أَيْ أَنْزَلَهُ وَفِيهِ عِلْمُهُ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ الْبَشَرُ ، فَالْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ ، مِثْلَ قَوْلِهِ :
[ ص: 122 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ ) أَيْ أُنْزِلَ وَفِيهِ عِلْمُ اللَّهِ ، وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْبَرَاهِينِ عَلَى صِدْقِ نُبُوَّةِ مَنْ جَاءَ بِهِ .
وَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا مَنْ قَالَ : إِنَّ الْمَعْنَى : أَنْزَلَهُ وَهُوَ يَعْلَمُهُ ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ حَقًّا فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ ، فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ وَبُرْهَانٌ عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَةِ ، فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ الْمَعْنَى أَنْزَلَهُ مُتَضَمِّنًا لِعِلْمِهِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ إِلَّا مَنْ أَطْلَعَهُ اللَّهُ وَأَعْلَمَهُ بِهِ فَإِنَّ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ ، وَقَالَ فِيمَا عَارَضَهُ مِنَ الشُّبَهِ الْفَاسِدَةِ الَّتِي يُسَمِّيهَا أَرْبَابُهَا : قَوَاطِعُ عَقْلِيَّةٌ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=28إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ) وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=116إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ) وَقَالَ لِمَنْ أَنْكَرَ الْمَعَادَ بِعَقْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=24وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) وَالظَّنُّ الَّذِي أَثْبَتَهُ سُبْحَانَهُ لِلْمُعَارِضِينَ نُصُوصَ الْوَحْيِ بِعُقُولِهِمْ لَيْسَ هُوَ الِاعْتِقَادُ الرَّاجِحَ ، بَلْ هُوَ كَذِبُ الْحَدِيثِ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=10قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=11الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ) .
وَأَنْتَ إِذَا تَأَمَّلْتَ مَا عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْمُعَارِضِينَ لِنُصُوصِ الْأَنْبِيَاءِ بِعُقُولِهِمْ رَأَيْتَ كُلَّهُ خَرْصًا ، وَعَلِمْتَ أَنَّهُمْ هُمُ الْخَرَّاصُونَ ، وَأَنَّ الْعِلْمَ فِي الْحَقِيقَةِ مَا نَزَلَ بِهِ الْوَحْيُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَهُوَ الَّذِي أَقَامَ اللَّهُ بِهِ حُجَّتَهُ ، وَهَدَى بِهِ أَنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ وَأَتْبَاعَهُمْ وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=151كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=113وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ) وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=164لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) فَهَذِهِ النِّعْمَةُ وَالتَّزْكِيَةُ إِنَّمَا هِيَ لِمَنْ عَرَفَ زَعْمَ أَنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ الْعَقْلِ ، وَأَنَّ الْعُقُولَ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِ ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ .
الثَّامِنَ عَشَرَ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28446الْعَقْلَ تَحْتَ حَجْرِ الشَّرْعِ فِيمَا يَطْلُبُهُ وَيَأْمُرُ بِهِ ، وَفِيمَا يَحْكُمُ بِهِ
[ ص: 123 ] وَيُخْبِرُ عَنْهُ ، فَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الطَّلَبِ وَالْخَبَرِ ، وَكَمَا أَنَّ مَنْ عَارَضَ أَمْرَ الرُّسُلِ بِعَقْلِهِ لَمْ يُؤْمِنْ لَهُمْ وَبِمَا جَاءُوا بِهِ ، فَكَذَلِكَ مَنْ عَارَضَ خَبَرَهُمْ بِعَقْلِهِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أَصْلًا ، يُوَضِّحُهُ :
أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَكَى عَنِ الْكُفَّارِ مُعَارَضَةَ أَمْرِهِ بِعُقُولِهِمْ كَمَا حَكَى عَنْهُمْ مُعَارَضَةَ خَبَرِهِ بِعُقُولِهِمْ ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) فَعَارَضُوا تَحْرِيمَهُ لِلرِّبَا بِعُقُولِهِمُ الَّتِي سَوَّتْ بَيْنَ الرِّبَا وَالْبَيْعِ ، فَهَذَا مُعَارِضَةُ النَّصِّ بِالرَّأْيِ ، وَنَظِيرُ مَا عَارَضُوا بِهِ تَحْرِيمَ الْمَيْتَةِ مِنْ قِيَاسِهَا عَلَى الْمُذَكَّاةِ وَقَالُوا : تَأْكُلُونَ مَا قَتَلْتُمْ وَلَا تَأْكُلُونَ مَا قَتَلَ اللَّهُ ، وَفِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ) وَعَارَضُوا أَمْرَهُ بِتَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ وَقَالُوا : إِنْ كَانَتِ الْقِبْلَةُ الْأَوْلَى حَقًّا فَقَدْ تَرَكْتَ الْحَقَّ ، وَإِنْ كَانَتْ بَاطِلًا فَقَدْ كُنْتَ عَلَى بَاطِلٍ ، وَإِمَامُ هَؤُلَاءِ شَيْخُ الطَّرِيقَةِ إِبْلِيسُ عَدُوُّ اللَّهِ ، فَإِنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=34020أَوَّلُ مَنْ عَارَضَ أَمْرَ اللَّهِ بِعَقْلِهِ ، وَزَعَمَ أَنَّ الْعَقْلَ يَقْتَضِي خِلَافَهُ .
وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ مُعَارَضَةَ خَبَرِهِ بِالْعَقْلِ فَكَمَا حَكَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ مُنْكِرِي الْمَعَادِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ عَارَضُوا مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنَ التَّوْحِيدِ بِعُقُولِهِمْ ، وَعَارَضُوا أَخْبَارَهُ عَنِ النُّبُوَّاتِ بِعُقُولِهِمْ وَعَارَضُوا بَعْضَ الْأَمْثَالِ الَّتِي ضَرَبَهَا بِعُقُولِهِمْ ، وَعَارَضُوا أَدِلَّةَ نُبُوَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُقُولِهِمْ فَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) وَأَنْتَ إِذَا صُغْتَ هَذِهِ الْمُعَارَضَةَ صَوْغًا مُزَخْرَفًا وَجَدْتَهَا مِنْ جِنْسِ مُعَارِضَةِ الْمَعْقُولِ لِلْمَنْقُولِ .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=8أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا ) أَيْ لَوْ كَانَ رَسُولًا لِخَالِقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَمَا أَحْوَجَهُ أَنْ يَمْشِيَ بَيْنَنَا فِي الْأَسْوَاقِ فِي الْمَعِيشَةِ وَلَأَغْنَاهُ عَنْ أَكْلِ الطَّعَامِ وَلَأَرْسَلَ مَعَهُ مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَوْ أَلْقَى إِلَيْهِ كَنْزًا يُغْنِيهِ عَنْ طَلَبِ الْكَسْبِ .
[ ص: 124 ] وَعَارَضُوا شَرْعَهُ وَدِينَهُ الَّذِي شَرَعَهُ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ وَتَوْحِيدِهِ بِمُعَارَضَةٍ عَقْلِيَّةٍ ، وَاسْتَنَدُوا فِيهَا إِلَى الْقَدَرِ ، فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=148سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=149قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) وَحَكَى مِثْلَ هَذِهِ الْمُعَارَضَةَ فِي سُورَةِ النَّحْلِ وَفِي سُورَةِ الزُّخْرُفِ ، وَإِذَا تَأَمَّلْتَهَا حَقَّ التَّأَمُّلِ رَأَيْتَهَا أَقْوَى بِكَثِيرٍ مِنْ مُعَارَضَةِ آيَاتِ الصِّفَاتِ بِعُقُولِهِمْ ، فَإِنَّ إِخْوَانَهُمْ عَارَضُوا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ لِلْكَائِنَاتِ وَالْمَشِيئَةُ ثَابِتَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، وَالنُّفَاةُ عَارَضُوا بِأُصُولٍ فَاسِدَةٍ هُمْ وَضَعُوهَا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ ، أَوْ تَلَقَّوْهُ عَنْ أَعْدَاءِ الرُّسُلِ مِنَ
الصَّابِئَةِ وَالْمَجُوسِ وَالْفَلَاسِفَةِ ، وَهِيَ خَيَالَاتٌ فَاسِدَةٌ .