الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو قال : لله علي أن أصوم هذا اليوم غدا فعليه أن يصوم اليوم الذي قال فيه هذا القول ; إن قال ذلك قبل الزوال وقبل أن يتناول ما ينقض صومه ، ويبطل قوله غدا ; لأنه ركب اسما على اسم لا بحرف النسق ، فبطل التركيب ; لأنه يكون إيجاب صوم هذا اليوم غدا ، وهذا اليوم لا يوجد في غد ، فلا يكون الغد ظرفا له ، بطل قوله غدا وبقي قوله لله علي أن أصوم هذا اليوم ، فينظر في ذلك اليوم ، فإن كان قابلا للإيجاب صح ، وإلا بطل بخلاف الفصل الأول ; لأن اليوم قد يعتد به عن مطلق الوقت .

                                                                                                                                ( وأما ) الغد فلا يصلح عبارة عن مطلق الوقت ، ولا يعبر به إلا عن عين الغد ولو قال : لله علي أن أصوم غدا اليوم فعليه أن يصوم غدا وقوله : اليوم حشو من كلامه ; لأنه أوجب على نفسه صوم الغد وذلك صحيح ، ولم يصح قوله اليوم ; لأنه ركبه على الغد لا بحرف النسق فبطل ; لأن صوم غد لا يتصور وجوده في اليوم ، فلغي قوله : اليوم ، وبقي قوله : لله علي أن أصوم غدا .

                                                                                                                                ولو قال : لله علي صوم أمس غدا لم يلزمه شيء ; لأن أمس لا يمكن أن يصام فيه ; لأنه لا يعود ثانيا فبطل الالتزام فيه فلا يلزمه بقوله : غدا ; لأنه لم يوجب صوم غد ، وإنما جعل الغد ظرفا للأمس ; وإنه لا يصلح ظرفا له ، فلغيت تسمية الغد أيضا ، والأصل في هذا النوع أن اللفظ الثاني يبطل في الأحوال كلها ; لما ذكرنا ; وإذا بطل هذا ينظر إلى اللفظ الأول فإن صلح صح النذر به وإلا بطل .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية