الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو باعه المشتري أو وهبه ثم علم بالعيب لم يرجع بالنقصان ; لأن امتناع الرد ههنا من قبل المشتري ; لأنه بالبيع صار ممسكا عن الرد ; لأن المشتري قام مقامه فصار مبطلا للرد الذي هو الحق فلا يرجع بشيء وكذلك لو كاتبه ; لأنها توجب صيرورة العبد حرا يدا فصار بالكتابة ممسكا عن الرد فأشبه البيع وكذلك لو أعتقه على مال ثم وجد به عيبا ; لأن [ ص: 290 ] الإعتاق على مال في حق المعتق في معنى البيع لأنه أخذ العوض بمقابلته ، والبيع يمنع الرجوع بالنقصان ، كذا هذا وروي عن أبي يوسف رحمه الله أنه لا يمنع ولو أعتقه على غير مال ثم وجد به عيبا فالقياس أن لا يرجع ، وهو قول الشافعي رحمه الله وفي الاستحسان يرجع .

                                                                                                                                ( وجه ) القياس أن الرد امتنع بفعله وهو الإعتاق فأشبه البيع أو الكتابة ( وجه ) الاستحسان أن تعذر الرد ههنا ليس من قبل المشتري لأن الإعتاق ليس بإزالة الملك بل الملك ينتهي بالإعتاق ; وهذا لأن الأصل في الآدمي عدم الملك والمالية إذ الأصل فيه أن يكون حرا ; لأن الناس كلهم أولاد آدم وحواء عليهما الصلاة والسلام ، والمتولد من الحرين يكون حرا إلا أن الشرع ضرب الملك والمالية عليه بعارض الكفر مؤقتا إلى غاية الإعتاق ، والمؤقت إلى غاية ينتهي عند وجود الغاية فينتهي الملك والمالية عند الإعتاق فصار كما لو انتهى بالموت ، وبه تبين أن الإعتاق ليس بحبس بخلاف البيع ; لأنه لما أخذ العوض فقد أقام المشتري مقام نفسه فكأنه استبقاه على ملكه فصار حابسا إياه بفعله ممسكا عن الرد فلم يرجع بالنقصان .

                                                                                                                                وكذلك لو دبره أو استولده ثم وجد به عيبا يرجع بالنقصان ; لأن الرد لم يمتنع من قبل المشتري بل من قبل الشرع ولو قتله المشتري لم يرجع بالنقصان في ظاهر الرواية وروي عن أبي يوسف أنه يرجع ; لأن المقتول ميت بأجله فتنتهي حياته عند القتل كما تنتهي عند الموت ، فصار كما لو مات حتف أنفه ، وهناك يرجع بالنقصان كذا ههنا ( وجه ) ظاهر الرواية أن فوات الحياة إن لم يكن أثر فعل القاتل حقيقة فهو أثر فعله عادة فجعل في حق القاتل كأنه تفويت الحياة حقيقة وإزالتها وإن كان انتهاء حقيقة كالإعتاق على مال أنه ألحق بالبيع في حق المعتق وإن لم يكن كذلك في حق العبد فصار حابسا للعبد بصنعه ممسكا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية