الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ويجوز بيع كل ذي مخلب من الطير معلما كان أو غير معلم بلا خلاف .

                                                                                                                                وأما بيع كل ذي ناب من السباع سوى الخنزير كالكلب ، والفهد ، والأسد والنمر ، والذئب ، والهر ، ونحوها فجائز عند أصحابنا ، وعند الشافعي [ ص: 143 ] رحمه الله : لا يجوز ثم عندنا : لا فرق بين المعلم ، وغير المعلم في رواية الأصل فيجوز بيعه كيف ما كان وروي عن أبي يوسف رحمه الله : أنه لا يجوز بيع الكلب العقور ، واحتج الشافعي رحمه الله بما روي عن النبي المكرم عليه الصلاة والسلام أنه قال : { ومن السحت مهر البغي ، وثمن الكلب } ولو جاز بيعه لما كان ثمنه سحتا ، ولأنه نجس العين ، فلا يجوز بيعه كالخنزير إلا أنه رخص الانتفاع به بجهة الحراسة ، والاصطياد للحاجة ، والضرورة ، وهذا لا يدل على جواز البيع كما في شعر الخنزير .

                                                                                                                                ( ولنا ) : أن الكلب مال ، فكان محلا للبيع كالصقر ، والبازي ، والدليل على أنه مال أنه منتفع به حقيقة مباح الانتفاع به شرعا على الإطلاق فكان مالا ، ولا شك أنه منتفع به حقيقة ، والدليل على أنه مباح الانتفاع به شرعا على الإطلاق أن الانتفاع به بجهة الحراسة ، والاصطياد مطلق شرعا في الأحوال كلها فكان محلا للبيع ; لأن البيع إذا صادف محلا منتفعا به حقيقة مباح الانتفاع به على الإطلاق مست الحاجة إلى شرعه ; لأن شرعه يقع سببا ، ووسيلة للاختصاص القاطع للمنازعة إذ الحاجة إلى قطع المنازعة فيما يباح الانتفاع به شرعا على الإطلاق لا فيما يجوز .

                                                                                                                                ( وأما ) الحديث فيحتمل أنه كان في ابتداء الإسلام ; لأنهم كانوا ألفوا اقتناء الكلاب فأمر بقتلها ، ونهى عن بيعها مبالغة في الزجر أو يحمل على هذا توفيقا بين الدلائل قوله : أنه نجس العين ، قلنا : هذا ممنوع فإنه يباح الانتفاع به شرعا على الإطلاق اصطيادا ، وحراسة .

                                                                                                                                ونجس العين لا يباح الانتفاع به شرعا إلا في حالة الضرورة كالخنزير .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية