الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولا ينعقد بيع جلد الخنزير كيف ما كان ; لأنه نجس العين بجميع أجزائه ، وقيل : إن جلده لا يحتمل الدباغ ، وأما عظم الميتة وعصبها ، وشعرها ، وصوفها ، ووبرها ، وريشها ، وخفها وظلفها ، وحافرها فيجوز بيعها ، والانتفاع بها - عندنا وعند الشافعي رحمه الله لا يجوز بناء على أن هذه الأشياء طاهرة - عندنا - وعنده نجسة ، واحتج بقوله - سبحانه وتعالى - { حرمت عليكم الميتة } وهذه من أجزاء الميتة فتكون حراما فلا يجوز بيعها وقال عليه الصلاة والسلام : { لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب }

                                                                                                                                ( ولنا ) قوله - سبحانه وتعالى - : { والله جعل لكم من بيوتكم سكنا } قوله - عز وجل - { ومن أصوافها وأوبارها } الآية أخبر - سبحانه وتعالى - أنه جعل هذه الأشياء لنا ومن علينا بذلك من غير فصل بين الذكية والميتة فيدل على تأكد الإباحة ; ولأن حرمة الميتة ليست لموتها فإن الموت موجود في السمك ، والجراد ، وهما حلالان قال عليه الصلاة والسلام : { أحل لنا ميتتان ودمان } بل لما فيها من الرطوبات السيالة ، والدماء النجسة ; لانجمادها بالموت ، ولهذا يطهر الجلد بالدباغ حتى يجوز بيعه لزوال الرطوبة عنه ولا رطوبة في هذه الأشياء ، فلا تكون حراما ، ولا حجة له في هذا الحديث ; لأن الإهاب اسم لغير المدبوغ لغة ، والمراد من العصب حال الرطوبة يحمل عليه توفيقا بين الدلائل .

                                                                                                                                وأما عظم الخنزير ، وعصبه فلا يجوز بيعه ، لأنه نجس العين وأما شعره فقد روي : أنه طاهر يجوز بيعه والصحيح أنه نجس لا يجوز بيعه ; لأنه جزء منه إلا أنه رخص في استعماله للخرازين للضرورة وأما عظم الآدمي وشعره ، فلا يجوز بيعه لا لنجاسته ; لأنه طاهر في الصحيح من الرواية لكن احتراما له والابتذال بالبيع يشعر بالإهانة ، وقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : { لعن الله الواصلة ، والمستوصلة } وأما عظم الكلب ، وشعره فقد اختلف المشايخ فيه على الأصل الذي ذكرنا .

                                                                                                                                وروي عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله أنه لا بأس ببيع عظم الفيل ، والانتفاع به وقال محمد رحمه الله عظم الفيل نجس لا يجوز بيعه ولا الانتفاع به ذكره في العيون .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية