الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو أوصى لرجل بجميع ماله ثم أوصى لآخر بثلث ماله فأجازت الورثة الوصيتين جميعا فقد روى أبو يوسف ، ومحمد عن أبي حنيفة - رحمه الله - أنه قال : الموصى له بالجميع يأخذ الثلثين خاصة ، ويكون الباقي بين صاحب الجميع ، وبين صاحب الثلث .

                                                                                                                                وقال حسن بن زياد : ليس هذا قول أبي حنيفة إن للموصى له ربع المال ، وللموصى له بالجميع ثلاثة أرباعه ، وذكر الكرخي - رحمه الله - : أنه ليس في هذه المسألة نص رواية عن أبي حنيفة - رحمه الله - ، وإنما اختلفوا في قياس قوله ، والصحيح أن قول أبي حنيفة - رحمه الله - تعالى فيها ما روى عنه أبو يوسف ، ومحمد - رحمهما الله - ; لأنه قسمة على اعتبار المنازعة ، وما ذكر حسن - رحمه الله تعالى - اعتبار العول ، والمضاربة ، والقسمة على اعتبار العول ، والمضاربة من أصولهما لا من أصله فإن من أصله اعتبار المنازعة في القسمة ( ووجهه ) ههنا أن ما زاد على [ ص: 376 ] الثلث يعطى كله للموصى له بجميع المال ; لأنه لا ينازعه فيه أحد .

                                                                                                                                وأما قدر الثلث فينازعه فيه الموصى له بالثلث - فاستوت منازعتهما فيه ; إذ لا ترجيح لأحدهما على الآخر فيقسم بينهما نصفين ، فيكون أصل مسألة الحساب من ثلاثة لحاجتنا إلى الثلث : الثلثان للموصى له بالجميع بلا منازعة ، والثلث بينهما نصفان إلا أنه ينكسر الحساب فيضرب اثنين في ثلاثة فيصير ستة فيسلم ثلثاها للموصى له بالجميع بلا منازعة ، وثلثها ، وهو سهمان ينازعه فيه الموصى له بالثلث ، فيقسم بينهما ، فحصل للموصى له بالجميع خمسة ، وللموصى له بالثلث سهم .

                                                                                                                                وأما القسمة على طريق العول ، والمضاربة عندهما ههنا أن كل واحد منهما يضرب بجميع وصيته فالموصى له بالثلث يضرب بالثلث ، وهو سهم ، والموصى له بالجميع يضرب بكل المال وهو ثلاثة أسهم فيجعل المال على أربعة أسهم : لصاحب الثلث سهم ، ولصاحب الجميع ثلاثة هذا إذا أجازت الورثة ، فإن ردت الورثة جازت الوصية من الثلث ثم الثلث يكون بينهما نصفين في قول أبي حنيفة - رحمه الله - ; لأن الموصى له بأكثر من الثلث لا يضرب إلا بالثلث ، إذا لم تجز الورثة عنده ، وعندهما يضرب لكل واحد منهما بجميع وصيته أرباعا على ما بينا ، والله - تعالى - الموفق هذا إذا اجتمعت الوصايا فيما سوى العين .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية