الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولا يجوز دفع القيم والأبدال كما في الزكاة ، وعندنا يجوز ( وجه ) قوله إن الله - تعالى - أمر بالإطعام بقوله جل شأنه { فكفارته إطعام عشرة مساكين } ، فالقول بجواز أداء القيمة يكون تغييرا لحكم النص وهذا لا يجوز .

                                                                                                                                ( ولنا ) ما ذكرنا أن إطعام المسكين اسم لفعل يتمكن المسكين به من التطعم في متعارف اللغة لما ذكرنا فيما تقدم .

                                                                                                                                وهذا يحصل بتمليك القيمة فكان تمليك القيمة من الفقير إطعاما له ; فيتناول النص جواز التمليك من حيث هو تمكين لا من حيث هو تمليك على ما مر أن الإطعام إن كان اسما للتمليك فجوازه معلول بدفع الحاجة وهو المسألة ، عرفنا ذلك بإشارة النص وضرب من الاستنباط على ما بينا ، والقيمة في دفع الحاجة مثل الطعام فورود الشرع بجواز الطعام يكون ورودا بجواز القيمة بل أولى ، لأن تمليك الثمن أقرب إلى قضاء حاجة المسكين من تمليك عين الطعام ; لأنه به يتوصل إلى ما يختاره من الغذاء الذي اعتاد الاغتذاء به فكان أقرب إلى قضاء حاجته فكان أولى بالجواز ، ولما ذكرنا أن التكفير بالإطعام يحمل مكروه الطبع بإزاء ما نال من الشهوة ، وذلك المعنى يحصل بدفع القيمة ، ولأن الكفارة جعلت حقا للمسكين ، فمتى أخرج من عليه الطعام إلى المستحق بدله وقبله المستحق عن طوع فقد استبدل حقه به فيجب القول بجواز هذا الاستبدال بمنزلة التناول في سائر الحقوق .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية