( وأما ) بيان فقد اختلف في حده ، قال [ ص: 118 ] حد السكر الذي يتعلق به وجوب الحد رضي الله عنه السكران الذي يحد هو الذي لا يعقل قليلا ولا كثيرا ، ولا يعقل الأرض من السماء والرجل من المرأة ، وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى أبو يوسف رحمه الله السكران هو الذي يغلب على كلامه الهذيان . ومحمد
وروي عن أنه يمتحن ب { أبي يوسف قل يا أيها الكافرون } فيستقرأ ، فإن لم يقدر على قراءتها فهو سكران ، لما روي أن رجلا صنع طعاما فدعا سيدنا وسيدنا أبا بكر وسيدنا عمر وسيدنا عثمان وسيدنا عليا رضي الله تعالى عنهم فأكلوا وسقاهم خمرا وكان قبل تحريم الخمر فحضرتهم صلاة المغرب فأمهم واحد منهم فقرأ { سعد بن أبي وقاص قل يا أيها الكافرون } على طرح { لا أعبد ما تعبدون } فنزل قوله - تبارك وتعالى - { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون } .
وهذا الامتحان غير سديد ; لأن من السكارى من لم يتعلم هذه السورة من القرآن أصلا ، ومن تعلم فقد يتعذر عليه قراءتها في حالة الصحو خصوصا من لا اعتناء له بأمر القرآن فكيف في حالة السكر ؟ وقال رحمه الله : إذا شرب حتى ظهر أثره في مشيه وأطرافه وحركاته ، فهو سكران ، وهذا أيضا غير سديد ; لأن هذا أمر لا ثبات له ; لأنه يختلف باختلاف أحوال الناس ، منهم من يظهر ذلك منه بأدنى شيء ، ومنهم من لا يظهر فيه وإن بلغ به السكر غايته . الشافعي
( وجه ) قولهما : شهادة العرف والعادة فإن السكران في متعارف الناس اسم لمن هذى وإليه أشار سيدنا رضي الله عنه بقوله : إذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، وحد المفتري ثمانون علي عليه الرحمة يسلم ذلك في الجملة ، فيقول : أصل السكر يعرف بذلك لكنه اعتبر في باب الحدود ما هو الغاية في الباب احتيالا للدرء المأمور به بقوله صلى الله عليه وسلم { وأبو حنيفة } ولا يعرف بلوغ السكر غايته إلا بما ذكر ، والله عز وجل أعلم . ادرءوا الحدود ما استطعتم