الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) حكم المس فلا خلاف في أن المصافحة حلال لقوله عليه الصلاة والسلام { تصافحوا تحابوا } وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال { إذا لقي المؤمن أخاه فصافحه تناثرت ذنوبه } ولأن الناس يتصافحون في سائر الأعصار في العهود والمواثيق فكانت سنة متوارثة واختلف في القبلة والمعانقة قال أبو حنيفة رضي الله عنه ومحمد رحمه الله يكره للرجل أن يقبل فم الرجل أو يده أو شيئا منه أو يعانقه وروي عن أبي يوسف رحمه الله أنه لا بأس به ( ووجهه ) ما روي أنه { لما قدم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه من الحبشة عانقه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل بين عينيه } وأدنى درجات فعل النبي الحل وكذا روى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا إذا رجعوا من أسفارهم كان يقبل بعضهم بعضا ويعانق بعضهم بعضا واحتجا بما روي أنه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل { أيقبل بعضنا بعضا فقال لا فقيل أيعانق بعضنا بعضا فقال عليه الصلاة والسلام لا فقيل أيصافح بعضنا بعضا فقال عليه الصلاة والسلام نعم } وذكر الشيخ أبو منصور رحمه الله أن المعانقة إنما تكره إذا كانت شبيهة بما وضعت للشهوة في حالة التجرد فأما إذا قصد بها المبرة والإكرام فلا تكره وكذا التقبيل الموضوع لقضاء الوطر والشهوة هو المحرم فإذا زال عن تلك الحالة أبيح وعلى هذا الوجه الذي ذكره الشيخ يحمل الحديث الذي احتج به أبو يوسف رحمه الله والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية