وقال في الإملاء : قال : رضي الله عنه أبو حنيفة ، فهو لجيرانه الملاصقين لداره من السكان عبيدا كانوا أو أحرارا نساء كانوا أو رجالا ذمة كانوا أو مسلمين بالسوية قربت الأبواب ، أو بعدت إذا كانوا ملاصقين للدار ، وعندهما الثلث لهؤلاء الذين ذكرهم إذا أوصى فقال : ثلث مالي لجيراني رضي الله عنه ولغيرهم من الجيران من أهل المحلة ممن يضمهم مسجد ، أو جماعة واحدة ، ودعوة واحدة ، فهؤلاء جيرانه في كلام الناس . أبو حنيفة
وقال في الزيادات عن رضي الله عنه إذا أوصى لجيرانه ، فقياسه أن يكون للملاصقين ، وقول أبي حنيفة - عليه الرحمة - ينبغي أن يكون الثلث للسكان ، وغيرهم ممن يسكن تلك الدور التي تجب لأجلها الشفعة ، ومن كان منهم له دار في تلك الدور ، وليس بساكن فيها ، فليس من جيرانه قال أبي حنيفة - رحمه الله - : فأما أنا ، فأستحسن أن أجعل الوصية لجيرانه الملاصقين ممن يملك الدور ، وغيرهم ممن لا يملكها ، ولمن يجمعه مسجد تلك المحلة التي فيها الموصي من الملاصقين ، وغيرهم من السكان ممن في تلك المحلة ، وغيرهم سواء في الوصية الأقربون ، والأبعدون ، والكافر ، والمسلم ، والصبي ، والمرأة في ذلك سواء ، وليس للمماليك ، والمدبرين ، وأمهات الأولاد في ذلك شيء ( وأما ) المكاتبون ، فهم في الوصية إذا كانوا سكانا في المحلة ( وجه ) قولهما : إن اسم الجار كما يقع على الملاصق يقع على المقابل ، وغيره ممن يجمعهما مسجد واحد ، فإن كل واحد منهما يسمى جارا . محمد
وقال { } ( وروي ) أن سيدنا لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد رضي الله عنه فسر ذلك ، فقال : هم الذين يجمعهم مسجد واحد ; ولأن مقصود الموصي من الوصية للجار هو البر به ، والإحسان إليه ، وإنه لا يختص بالملاصق عليا - رحمه الله - أن الجوار المطلق ينصرف إلى الحقيقة ، وهي الاتصال بين الملكين بلا حائل بينهما هو حقيقة المجاورة ، فأما مع الحائل ، فلا يكون مجاورا حقيقة ، ولهذا وجبت الشفعة للملاصق لا للمقابل ; لأنه ليس بجار حقيقة ( ومطلق ) الاسم محمول على الحقيقة ; ولأن الجيران الملاصقين هم الذين يكون لبعضهم على بعض حقوق يلزم الوفاء بها حال حياتهم ، فالظاهر أنه أراد بهذه الوصية قضاء حق كان عليه ، وإذا كان كذلك ، فتنصرف ، ولأبي حنيفة إلا أنه لا بد من السكنى في الملك الملاصق لملك الموصي ، فإذا وجد ذلك صار كأنه جار له ، فيستحق الوصية ، والمذكور في الحديث جار المسجد ، وجار المسجد فسره الوصية إلى الجيران الملاصقين رضي الله تعالى عنه ، فإذا أوصى لموالي فلان ، وهو أبو فخذ أو قبيلة ، أو لبني فلان ، فإنه يصير كأنه قال : لموالي قبيلة فلان ، ولبني قبيلة فلان ، ويريد به المنتسبين إليهم بالنسب ، والمنتمين إليهم بالولاء هذا هو المتعارف بين أهل اللسان ، ومطلق الكلام ينصرف إليه ، ويصير كالمنطوق بما هو المتعارف عندهم ، ولو قال : نص هذا ثبت المال للمنتسبين إلى هذه القبيلة ، والمنتمين إليهم بالولاء كان الجواب ما قلنا كذا ههنا ، بخلاف ما إذا لم يكن فلان أبا فخذ أو قبيلة [ ص: 352 ] فإن هناك لا عرف فعمل بحقيقة اللفظ ، ولا يصار إلى المجاز إلا بالدليل الظاهر ، ولا يدخل فيه مولى الموالاة ; لأن مولى العتاقة يتقدم عليه ، والله سبحانه وتعالى أعلم ، ثم لا خلاف في أنه إذا قال : ثلث مالي لموالي فلان أنه يدخل في الوصية جميع من نجز عتاقه في صحته ، وفي مرضه ، وسواء كان أعتقه قبل الوصية أو بعدها ; ; لأن نفاذ الوصية متعلق بالموت ، وكل من أعتقه في المرض أو في الصحة بعد أن نجز إعتاقه صار مولى بعد الموت ، فيستحق الوصية ، فأما المدبرون ، وأمهات الأولاد ، فهل يدخلون تحت هذه الوصية ؟ ( روي ) عن علي أنهم يدخلون ، وروي عنه رواية أخرى أنهم لا يدخلون ، وهو قول أبي يوسف ذكره في الجامع ، وجه الرواية الأولى أن تعلق نفوذ الوصية أوان الموت ، وهم مواليه في ذلك الوقت ، فإنهم يستحقون الوصية ( وجه ) ظاهر الرواية أن أوان نفوذ الوصية ، وهو وقت الموت أوان عتقهم ، فيعتقون في تلك الحالة ، ثم يصيرون مواليه بعده ، والوصية تناولت من كان مولى عند موته ، وهم في تلك الحالة ليسوا بمواليه ، فلا يدخلون في الوصية ( ولو كان ) قال ذلك بعد أن قال إن لم أضربك ، فأنت حر ، فمات قبل أن يضربه عتق ، ودخل في الوصية ; لأنه عتق في آخر جزء من أجزاء حياته لتحقق عدم الضرب منه في تلك الحالة ، ووقوع اليأس عن حصوله من قبله ، فيصير مولى له ، ثم يعتقه الموت ، ثم تنفذ الوصية ، فكان مولى وقت نفوذ الوصية ، ووجوبها ، بخلاف المسألة الأولى ، والله تعالى أعلم بالصواب . محمد