مسألة : فيمن ، هل تطلق أم لا ؟ لاحتمال هذا اللفظ الحال والاستقبال ، وهل هو صريح أم كناية؟ وإذا قلتم بعدم وقوعه في الحال ، فمتى يقع ، أبمضي لحظة أم لا يقع أصلا ؛ لأن الوقت مبهم . قال لزوجته : تكوني طالقا
الجواب : الظاهر أن هذا اللفظ كناية ، فإن أراد به وقوع الطلاق في الحال طلقت ، أو التعليق احتاج إلى ذكر المعلق عليه ، وإلا فهو وعد لا يقع به شيء ؛ ثم بحث باحث في المسألة الأخيرة ، فقال : الكناية ما احتمل الطلاق وغيره ، وهذا ليس كذلك ، فقلت : بل هو كذلك ؛ لأنه يحتمل إنشاء الطلاق والوعد به ، فقال : إذا قصد الاستقبال ، فينبغي أن يقع بعد مضي زمن كالمعلق على مضي زمان ، فقلت : لا ؛ لأنه لم يصرح بالتعليق ، ولا بد في التعليقات من ذكر المعلق وهو الطلاق والمعلق عليه وهو الفعل أو الزمن مثلا ، وهنا لم يقع ذكر الزمان المعلق عليه ، قال : هو مذكور في الفعل ، وهو : تكوني ، فإنه يدل على الحدث والزمان . قلت : دلالته عليهما ليست بالوضع ولا لفظية ، ولهذا قال النحاة : إن الفعل وضع لحدث مقترن بزمان ، ولم يقولوا : إنه وضع للحدث والزمان ، وقد صرح في الخصائص بأن الدلالات في عرف النحاة ثلاث : لفظية وصناعية ومعنوية ، فالأولى كدلالة الفعل على الحدث ، والثانية كدلالته على الزمان ، والثالثة كدلالته على الفعال ، وصرح ابن جني ابن هشام الخضراوي في الإفصاح بأن دلالة الأفعال على الزمان ليست لفظية ، بل هي من باب دلالة التضمن ، وقد بينت ذلك في كتاب أصول النحو ، ودلالات التضمن والالتزام لا يعمل بها في الطلاق والأقارير ونحوها ، بل لا يعتمد فيها إلا على مدلول اللفظ من حيث الوضع والدلالة اللفظية ، فثبت ما قلناه من أن هذه الصيغة وعد ، وهو مضارع لو دخل عليه حرف التنفيس لقيل : سوف تكونين طالقا ، وهذه الصيغة وعد بلا شك ، فكذا عند تجرده من سوف ، فإن قيل : لفظ السؤال : تكوني ، بحذف النون ، قلت : لا فرق ، فإنه لغة ، وعلى تقرير أن يكون لحنا ، فلا فرق في وقوع الطلاق بين المعرب والملحون بمثل ذلك ، فإن نوى بذلك الأمر ، على حذف اللام ؛ أي لتكوني ، فهو إنشاء ، فتطلق في الحال بلا شك .
[ ص: 235 ]