الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            مسألة : إذا وقع ، أو ألقي في الخمر عين طاهرة كحصاة ، أو جريدة ، أو شيء مما يؤكل وأزيل ، ثم انقلبت خلا هل تطهر أولا ؟ وإذا بقي فيها شيء مما ذكر حتى صارت خلا هل تنجسها أولا ؟ وإذا انفصل شيء من الخمر ، أو فصل وعاد إليه ، أو أعيد ، أو صب عليها خمر ، ثم انقلبت خلا هل تطهر أم لا ؟ .

            الجواب : عن الصورة الأولى أنها تطهر ففي فتاوى النووي : إذا وقعت في الخمر نجاسة أخرى كعظم ميتة ونحوه فأخرجت منها ، ثم انقلبت الخمر خلا لم تطهر بلا خلاف [ ص: 12 ] ذكره صاحب التتمة ، وعبارة الزركشي في الديباج : الخمر إذا تخللت تطهر إجماعا ، قال في التتمة : هذا إن لم يقع فيه نجاسة أخرى فإن وقعت ، ثم أخرجت وتخللت لم تطهر قطعا ، ففرض المسألة فيما إذا كان الواقع نجاسة وأخرجت قبل التخليل يقتضي أنه لو لاقاها عين طاهرة وأخرجت قبل التخليل ; فإنها تطهر إذا تخللت فإن المدرك هنا طرف نجس أجنبي ، ومنه أخذ من أخذ أن النجس نجس ، وهو هنا مفقود ، ولا عبرة بما عساه يتوهم من أن العين تنجس ، ثم =تنجس فإن ذاك إنما يظهر أثره بعد الانقلاب كما لا يخفى ، ومن نظائر ذلك أن طروء النجس الأجنبي يمنع الاستنجاء بالحجر ، ولا يمنعه مر الحجر الطاهر من أول المحل إلى آخره وإن تلوث بأول جزء إذا لم ينفصل ، وكذا مر الماء على الثوب النجس المراد تطهيره وعلى محل الحدث .

            وحاصل ما ذكرناه : التفرقة بين النجسة والطاهرة في الملاقاة قبل التخليل لما في الأولى من طروء نجاسة أجنبية وإلى ذلك يشير قول النووي : نجاسة أخرى ، والتفرقة في الطاهرة بين ما إذا زالت قبل التخليل ، وما إذا بقيت بعده ; فإنها في الحالة الأولى =مشاكلة ، وفي الثانية مغايرة ، فإنها في الأولى متلوثة بخمر في خمر فلا تؤثر ، وفي الثانية متلوثة بخمر في خل فتنجس ، وعن الثانية أنها لا تطهر على الأصح ، وهي منقول الكتب ، وعن الثالثة أن الظاهر أنها تطهر ; لأنه لا فرق في وضع الخمر في الدن بين أن يوضع دفعة واحدة أو شيئا بعد شيء ، فصب خمر على خمر بمثابة ما لو وضع في الدن أولا كوز منه ، ثم كوز ، ثم كوز وهكذا ، فلا فرق في ذلك بين طول الزمان وقصره ، ولا بين أن يوضع عليه خمر من =خارج ، أو يؤخذ منه ويعاد إليه ، والله أعلم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية