مسألة : هل سبب النزول يخص المنزول فيه بلفظه وحكمه أم يعمه وغيره ، وإذا ورد السبب خاصا فهل يكون التخصيص من السبب أم من النص ؟ وإذا لم يكن من النص فهل يقضي على النص أم لا ؟ وهل السبب ناشئ عن النص أم من أهل التأويل ؟ وهل التأويل ناشئ عن النص أم لا ؟
[ ص: 349 ] الجواب : أما كون - فهذه مسألة خلاف بين أهل الأصول ؛ منهم من يقول : إنه يخص المنزول فيه فلا يعم غيره ، والأصح وهو رأي الأكثرين أنه لا يخصه بل يعم غيره ، ولكن صورة السبب قطعية الدخول لا يجوز إخراجها منه ، وأما قوله : وإذا ورد السبب خاصا فهل يكون التخصيص من السبب أم من النص ؟ فهذا إنما يجيء على قولنا بأن السبب يخص المنزول فيه ، ونحن قد بينا أن الأصح خلافه ، وعلى تقدير القول به فالتخصيص من السبب للنص العام اللفظ فقط عده أهل الأصول من المخصصات للعموم على القول بتخصيصه ; وذلك لأن سبب النزول إنما يقبل إذا ورد بسند صحيح متصل ، فهو في حكم الحديث المرفوع ، ومن يرى جواز تخصيص الكتاب بالسنة وهم الجمهور لا يستنكر ذلك ، وقوله : وإذا لم يكن من النص فهل يقضي على النص ؟ قد علم جوابه وهو أن سبب النزول نص أيضا ، فإنه حديث ، والحديث يقضي على القرآن ; أخرج سبب النزول هل يخص المنزول فيه أم لا في سننه عن سعيد بن منصور قال : السنة قاضية على الكتاب ، يحيى بن أبي كثير ويحيى هذا من التابعين من أضراب . الزهري
وقوله : وهل السبب ناشئ عن النص ؟ قد علم جوابه وهو أنه ناشئ عن نص لكن نص حديثي لا قرآني ، وليس ناشئا عن التأويل ، فإن السبب لا يكون إلا عن نص مقبول لا عن تأويل ، ولا مدخل للتأويل في ذلك ، وقوله : وهل التأويل ناشئ عن النص ؟ جوابه : أنه قد علم أنه لا تأويل .