مسألة : رضي الله عنه أصابته نجاسة كلبية فغسلها على مقتضى مذهب إمامه ثم أصابته وعسر عليه غسلها فهل يجوز له تقليد من يرى عدم وجوب هذا الغسل أم لا الشافعي ; لأن ما التزمه وعمل به أولا يمنعه من مخالفته آخرا ؟ وإذا قلتم : إن له التقليد فما معنى قول رجل يقلد الإمام الأسنوي في شرح منهاج : إنه إذا البيضاوي ، ويجوز ذلك في حكم آخر على المختار ، فلو التزم مذهبا معينا ففي الرجوع إلى غيره من المذاهب ثلاثة أقوال ؛ ثالثها : يجوز الرجوع فيما لم يعمل به ولا يجوز في غيره ، هل معناه امتناع التقليد فيما تقدم السؤال عنه أم لا ؟ وما الراجح من الأقوال الثلاثة ؟ ، وكذلك قول الشيخ قلد مجتهدا [ ص: 350 ] في مسألة فليس له تقليد غيره فيها اتفاقا جلال الدين المحلي في شرح جمع الجوامع : وإذا عمل العامي بقول مجتهد في حادثة فليس له الرجوع عنه إلى غيره في مثلها ; لأنه قد التزم ذلك القول بالعمل به - إلى أن قال : والأصح جوازه أي جواز الرجوع إلى غيره في حكم آخر - إلى أن قال : الأصح أنه يجب على العامي وغيره ممن لم يبلغ رتبة الاجتهاد التزام مذهب معين ، ثم قال : في خروجه عنه أقوال ثالثها لا يجوز في بعض المسائل ، ويجوز في بعض توسطا بين القولين في الجواز في غير ما عمل به أخذا مما تقدم في عمل غير الملتزم ، فإنه إذا لم يجز له الرجوع قال ابن الحاجب كالآمدي اتفاقا ، فالملتزم أولى بذلك ، وقد حكيا فيه الجواز فيقيد بما قلناه انتهى ، وإذا قلتم بامتناع التقليد في المسئول عنه وهي المسائل التي عمل بها فكيف يلتئم ذلك مع ما قال الكمال الدميري في شرحه في القضاء ؟ : فرع لا يشترط أن يكون للمجتهد مذهب مدون ، وإذا دونت المذاهب فهل يجوز للمقلد أن ينتقل من مذهب إلى مذهب ؟ الأصح : الجواز كما لو قلد في القبلة هذا أياما انتهى ، وإطلاقه شامل لما عمل به وما لم يعمل به ، والمسئول إيضاح ذلك .
الجواب : الأصح جواز الانتقال مطلقا فيما عمل به وفيما لم يعمل به ، كذا صححه الرافعي وهو المنقول في السؤال عن الدميري لكن بشرط عدم تتبع الرخص ، وهي مسألة غير التي حكى فيها المنع اتفاقا ; ولذا جمع الأصوليون بينهما فحكوا الاتفاق في هذه وحكوا الخلاف في تلك ، ومن جملة قول التفصيل والفرق بين المسألتين أن تلك في التمذهب بمذهب معين ، وإرادة الانتقال عنه بعد العمل به أو ببعضه ، ومسألة المنع اتفاقا فيمن استفتى في حادثة مجتهدا فأفتاه وعمل بقوله ، ثم وقعت له مرة أخرى ، وحاصل الفرق أن في هذه تقليدا في جزئية معينة خاصة ، وتلك فيها تقليد كلي على سبيل الإجمال لا التفصيل ، إذا تقرر هذا فمقلد إذا غسل نجاسة الكلب على مذهبه ، وأراد بعد ذلك أن ينتقل ويقلد غيره فيها فله ذلك ، لكن بشرط مراعاة ذلك المذهب في جميع شروط الطهارة والصلاة من مسح كل الرأس أو الربع والدلك ، ومراعاة الترتيب في قضاء الصلوات ، فإن أخل بشيء من ذلك كانت صلاته باطلة باتفاق المذهبين . الشافعي