( 1900 ) الفصل الثاني ، في موضعه ، ولا يخلو من أربعة أقسام : أحدها ، مثل الأرض التي يوجد فيها آثار الملك ، كالأبنية القديمة ، والتلول ، وجدران الجاهلية ، وقبورهم . فهذا فيه الخمس بغير خلاف ، سوى ما ذكرناه . ولو وجده في هذه الأرض على وجهها ، أو في طريق غير مسلوك ، أو قرية خراب ، فهو كذلك في الحكم ; لما روى أن يجده في موات ، أو ما لا يعلم له مالك ، ، عن أبيه ، عن جده ، قال : { عمرو بن شعيب } رواه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة ؟ فقال : ما كان في طريق مأتي ، أو في قرية عامرة ، فعرفها سنة ، فإن جاء صاحبها ، وإلا فلك ، وما لم يكن في طريق مأتي ، ولا في قرية عامرة ، ففيه وفي الركاز الخمس . القسم الثاني ، النسائي فهو له في أحد الوجهين ; لأنه مال كافر مظهور عليه في الإسلام ، فكان لمن ظهر عليه كالغنائم ، ولأن الركاز لا يملك بملك الأرض ، لأنه مودع فيها ، وإنما يملك بالظهور عليه ، وهذا قد ظهر عليه ، فوجب أن يملكه . والرواية الثانية ، هو للمالك قبله إن اعترف به ، وإن لم يعترف به فهو للذي قبله كذلك إلى أول مالك . وهذا مذهب أن يجده في ملكه المنتقل إليه ، لأنه كانت يده على الدار ، فكانت على ما فيها . الشافعي
وإن انتقلت الدار بالميراث ، حكم بأنه ميراث ، فإن اتفق الورثة على أنه لم يكن لموروثهم ، فهو لأول مالك فإن لم يعرف أول مالك ، فهو كالمال الضائع الذي لا يعرف له مالك . والأول أصح ، إن شاء الله تعالى ; لأن الركاز لا يملك بملك الدار ، لأنه ليس من أجزائها وإنما هو مودع فيها ، فينزل منزلة المباحات من الحشيش والحطب والصيد يجده في أرض غيره ، فيأخذه ، فيكون أحق به ، لكن إن ادعى المالك الذي انتقل الملك عنه أنه له ، فالقول قوله ; لأن [ ص: 328 ] يده كانت عليه ، لكونها على محله ، وإن لم يدعه ، فهو لواجده .
وإن اختلف الورثة ، فأنكر بعضهم أن يكون لمورثهم ، ولم ينكره الباقون ، فحكم من أنكر في نصيبه حكم المالك الذي لم يعترف به ، وحكم المعترفين حكم المالك المعترف . القسم الثالث ، فعن أن يجده في ملك آدمي مسلم معصوم أو ذمي ، ما يدل على أنه لصاحب الدار ; فإنه قال ، في من استأجر حفارا ليحفر في داره ، فأصاب في الدار كنزا عاديا : فهو لصاحب الدار . وهذا قول أحمد أبي حنيفة . ومحمد بن الحسن
ونقل عن ما يدل على أنه لواجده ; لأنه قال في مسألة من استأجر أجيرا ليحفر له في داره ، فأصاب في الدار كنزا : فهو للأجير . نقل ذلك عنه أحمد محمد بن يحيى الكحال . قال هو الصحيح . وهذا يدل على أن الركاز لواجده . وهو قول القاضي ، الحسن بن صالح . واستحسنه وأبي ثور . وذلك لأن الكنز لا يملك بملك الدار ، على ما ذكرنا في القسم الذي قبله ، فيكون لمن وجده ، لكن إن ادعاه المالك . فالقول قوله ; لأن يده عليه بكونها على محله . وإن لم يدعه ، فهو لواجده . وقال أبو يوسف : هو لمالك الدار إن اعترف به ، وإن لم يعترف به ، فهو لأول مالك ، لأنه في يده . الشافعي
ويخرج لنا مثل ذلك ، لما ذكرناه من الرواية في القسم الذي قبله . وإن استأجر حفارا ليحفر له طلبا لكنز يجده ، فوجده ، فلا شيء للأجير ، ويكون الواجد له هو المستأجر ; لأنه استأجره لذلك ، فأشبه ما لو استأجره ليحتش له أو يصطاد ، فإن الحاصل من ذلك للمستأجر دون الأجير . وإن استأجره لأمر غير طلب الركاز ، فالواجد له هو الأجير . وهكذا قال الأوزاعي : إذا استأجرت أجيرا ليحفر لي في داري ، فوجد كنزا ، فهو له . وإن قلت : استأجرتك لتحفر لي هاهنا . رجاء أن أجد كنزا ، فسميت له ، فله أجره ، ولي ما يوجد .
( 1901 ) فصل : فهو لواجده ، في أحد الوجهين ، والآخر هو للمالك ، بناء على الروايتين ، في من وجد ركازا في ملك انتقل إليه ، وإن اختلفا ، فقال كل واحد منهما : هذا لي . فعلى وجهين : أحدهما ، القول قول المالك ; لأن الدفن تابع للأرض . والثاني ، القول قول المكتري ; لأن هذا مودع في الأرض ، وليس منها ، فكان القول قول من يده عليها ، كالقماش . القسم الرابع ، وإن اكترى دارا ، فوجد فيها ركازا ، ، فإن لم يقدر عليه إلا بجماعة من المسلمين ، فهو غنيمة لهم ، وإن قدر عليه بنفسه ، فهو لواجده ، حكمه حكم ما لو وجده في موات في أرض المسلمين . أن يجده في أرض الحرب
وقال ، أبو حنيفة : إن عرف مالك الأرض ، وكان حربيا ، فهو غنيمة أيضا ; لأنه في حرز مالك معين ; فأشبه ما لو أخذه من بيت أو خزانة . ولنا ، أنه ليس لموضعه مالك محترم ، أشبه ما لو لم يعرف مالكه . ويخرج لنا مثل قولهم ، بناء على قولنا إن الركاز في دار الإسلام يكون لمالك الأرض . والشافعي