الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1870 ) فصل : ومن استأجر أرضا فزرعها ، فالعشر عليه دون مالك الأرض . وبهذا قال مالك ، والثوري ، وشريك ، وابن المبارك ، والشافعي ، وابن المنذر . وقال أبو حنيفة : هو على مالك الأرض ; لأنه من مؤنتها ، فأشبه الخراج .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه واجب في الزرع ، فكان على مالكه ، كزكاة القيمة فيما إذا أعده للتجارة ، وكعشر زرعه في ملكه ، ولا يصح قولهم : إنه من مؤنة الأرض . لأنه لو كان من مؤنتها لوجب فيها وإن لم تزرع ، كالخراج ، ولوجب على الذمي [ ص: 314 ] كالخراج ، ولتقدر بقدر الأرض لا بقدر الزرع ، ولوجب صرفه إلى مصارف الفيء دون مصرف الزكاة . ولو استعار أرضا فزرعها ، فالزكاة على صاحب الزرع ; لأنه مالكه .

                                                                                                                                            وإن غصبها فزرعها وأخذ الزرع ، فالعشر عليه أيضا ; لأنه ثبت على ملكه . وإن أخذه مالكها قبل اشتداد حبه ، فالعشر عليه . وإن أخذه بعد ذلك ، احتمل أن يجب عليه أيضا ; لأن أخذه إياه استند إلى أول زرعه ، فكأنه أخذه من تلك الحال . ويحتمل أن تكون زكاته على الغاصب ; لأنه كان ملكا له حين وجوب عشره ، وهو حين اشتداد حبه . وإن زارع رجلا مزارعة فاسدة ، فالعشر على من يجب الزرع له .

                                                                                                                                            وإن كانت صحيحة ، فعلى كل واحد منهما عشر حصته . وإن بلغت خمسة أوسق ، أو كان له من الزرع ما يبلغ بضمه إليها خمسة أوسق ، وإلا فلا عشر عليه . وإن بلغت حصة أحدهما دون صاحبه النصاب ، فعلى من بلغت حصته النصاب عشرها ، ولا شيء على الآخر ; لأن الخلطة لا تؤثر في غير السائمة ، في الصحيح .

                                                                                                                                            ونقل عن أحمد أنها تؤثر ، فيلزمهما العشر إذا بلغ الزرع جميعه خمسة أوسق ، ويخرج كل واحد منهما عشر نصيبه ، إلا أن يكون أحدهما ممن لا عشر عليه ، كالمكاتب والذمي ; فلا يلزم شريكه عشر إلا أن تبلغ حصته نصابا ، وكذلك الحكم في المساقاة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية