nindex.php?page=treesubj&link=29009_19570_30614_31956_31957nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=17اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب nindex.php?page=treesubj&link=29009_24406_31757_31956_33133nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=18إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق nindex.php?page=treesubj&link=29009_31956_32445nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=19والطير محشورة كل له أواب nindex.php?page=treesubj&link=29009_31955_31956_34304nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=20وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب
فإن قلت : كيف تطابق قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=17اصبر على ما يقولون وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=17واذكر عبدنا داود حتى عطف أحدهما على صاحبه ؟ قلت : كأنه قال لنبيه عليه الصلاة والسلام : اصبر على ما يقولون ، وعظم أمر معصية الله في أعينهم بذكر قصة
داود ، وهو أنه نبي من أنبياء الله تعالى قد أولاه ما أولاه من النبوة والملك ، ولكرامته عليه وزلفته لديه ، ثم زل زلة فبعث إليه الملائكة ووبخه عليها . على طريق التمثيل والتعريض ، حتى فطن لما وقع فيه فاستغفر وأناب ، ووجد منه ما يحكى من بكائه الدائم وغمه الواصب ، ونقش جنايته في بطن كفه حتى لا يزال يجدد النظر إليها والندم عليها ، فما الظن بكم مع كفركم ومعاصيكم ؟ أو قال له صلى الله عليه وسلم : اصبر على ما يقولون ، وصن نفسك وحافظ عليها أن تزل فيما كلفت من مصابرتهم وتحمل أذاهم ، واذكر أخاك
داود وكرامته على الله كيف زل تلك الزلة اليسيرة فلقي من توبيخ الله وتظليمه ونسبته إلى البغي ما لقي .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=17ذا الأيد ذا القوة في الدين
[ ص: 249 ] المضطلع بمشاقه وتكاليفه ، كان على نهوضه بأعباء النبوة والملك يصوم يوما ويفطر يوما ، وهو
nindex.php?page=treesubj&link=2328أشد الصوم ، ويقوم نصف الليل . يقال : فلان أيد ، وذو أيد ، وذو آد . وأياد كل شيء : ما يتقوى به "أواب " تواب رجاع إلى مرضاة الله . فإن قلت : ما دلك على أن الأيد القوة في الدين ؟ قلت : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=17إنه أواب ; لأنه تعليل لذي الأيد . "والإشراق " وقت الإشراق ، وهو حين تشرق الشمس ، أي : تضيء ويصفو شعاعها وهو وقت الضحى ، وأما شروقها فطلوعها ، يقال : شرقت الشمس ، ولما تشرق .
nindex.php?page=hadith&LINKID=910535وعن nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ : دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بوضوء فتوضأ ثم صلى صلاة الضحى وقال : "يا nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ هذه صلاة الإشراق " . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : هل تجدون ذكر صلاة الضحى في القرآن ؟ قالوا : لا ، فقرأ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=18إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق وقال : كانت صلاة يصليها
داود عليه السلام ، وعنه : ما عرفت
nindex.php?page=treesubj&link=1226_1223_1222صلاة الضحى إلا بهذه الآية ، وعنه : لم يزل في نفسي من صلاة الضحى شيء حتى طلبتها فوجدتها بهذه الآية
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=18يسبحن بالعشي والإشراق وكان لا يصلي صلاة الضحى ، ثم صلاها بعد . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16850كعب أنه قال
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : إني لا أجد في كتب الله صلاة بعد طلوع الشمس ، فقال : أنا أوجدك ذلك في كتاب الله تعالى ، يعني هذه الآية . ويحتمل أن يكون من أشرق القوم إذا
[ ص: 250 ] دخلوا في الشروق ، ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73فأخذتهم الصيحة مشرقين [الحجر : 73 ] وقول أهل الجاهلية : أشرق ثبير ، ويراد وقت صلاة الفجر لانتهائه بالشروق . ويسبحن : في معنى ومسبحات على الحال . فإن قلت : هل من فرق بين يسبحن ومسبحات ؟ قلت : نعم ، وما اختير يسبحن على مسبحات إلا لذلك ، وهو الدلالة على حدوث التسبيح من الجبال شيئا بعد شيء وحالا بعد حال ، كأن السامع محاضر تلك الحال يسمعها تسبح . ومثله قول
الأعشى [من الطويل ] :
إلى ضوء نار في يفاع تحرق
ولو قال : محرقة ، لم يكن شيئا . وقوله : "محشورة " في مقابلة : "يسبحن " إلا أنه لما لم يكن في الحشر ما كان في التسبيح من إرادة الدلالة على الحدوث شيئا بعد شيء ، جيء به اسما لا فعلا . وذلك أنه لو قيل : وسخرنا الطير يحشرن -على أن الحشر يوجد من حاشرها شيئا شيء ، والحاشر هو الله عز وجل - لكان خلفا ; لأن حشرها جملة واحدة أدل على القدرة . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما كان إذا سبح جاوبته الجبال بالتسبيح ، واجتمعا إليه الطير فسبحت ، فذلك حشرها . وقرئ : (والطير محشورة ) بالرفع .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=19كل له أواب كل واحد من الجبال والطير لأجل
داود ، أي : لأجل تسبيحه مسبح ; لأنها كانت تسبح بتسبيحه ، ووضع الأواب موضع المسبح : إما لأنها كانت ترجع التسبيح ، والمرجع
[ ص: 251 ] رجاع ; لأنه يرجع إلى فعله رجوعا بعد رجوع ، وإما لأن الأواب -وهو التواب الكثير الرجوع إلى الله وطلب مرضاته - من عادته أن يكثر ذكر الله ويديم تسبيحه وتقديسه . وقيل : الضمير لله ، أي : كل من
داود والجبال والطير لله أواب ، أي مسبح مرجع للتسبيح .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=20وشددنا ملكه قويناه ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35سنشد عضدك [القصص : 35 ] وقرئ : و (شددنا ) على المبالغة . قيل : كان يبيت حول محرابه أربعون ألف مستلئم يحرسونه وقيل : الذي شد الله به ملكه وقذف في قلوب قومه الهيبة ، أن رجلا ادعى عنده على آخر بقرة ، وعجز عن إقامة البينة ، فأوحى الله تعالى إليه في المنام : أن اقتل المدعى عليه ، فقال : هذا منام ، فأعيد الوحي في اليقظة ، فأعلم الرجل ، فقال : إن الله عز وجل لم يأخذني بهذا الذنب ، ولكن بأني قتلت أبا هذا غيلة ، فقتله ، فقال الناس : إن أذنب أحد ذنبا أظهره الله عليه ، فقتله ، فهابوه . "الحكمة " الزبور وعلم الشرائع . وقيل : كل كلام وافق الحق فهو حكمة . الفصل : التميز بين الشيئين . وقيل للكلام البين : فصل ، بمعنى المفصول كضرب الأمير ; لأنهم قالوا : كلام ملتبس ، وفى كلامه لبس . والملتبس : المختلط ، فقيل في نقيضه : فصل ، أي : مفصول بعضه من بعض ، فمعنى فصل الخطاب البين من الكلام الملخص الذي يتبينه من يخاطب به لا يلتبسن عليه ، ومن فصل الخطاب وملخصه : أن لا يخطئ صاحبه مظان الفصل والوصل ، فلا يقف في كلمة الشهادة على المستثنى منه ، ولا يتلو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=4فويل للمصلين [الماعون : 4 ] إلا موصولا بما بعده ، ولا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=232والله يعلم وأنتم حتى يصله بقوله : "لا تعلمون " [البقرة : 232 ] ونحو ذلك ، وكذلك مظان العطف وتركه ، والإضمار والإظهار والحذف والتكرار ، وإن شئت كان الفصل بمعنى الفاصل ، كالصوم والزور ، وأردت بفصل الخطاب : الفاصل من الخطاب الذي يفصل بين الصحيح والفاسد ، والحق والباطل ، والصواب والخطأ ، وهو كلامه في القضايا والحكومات ، وتدابير الملك والمشورات . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهو قوله : البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه . وهو من الفصل بين الحق والباطل ، ويدخل فيه قول بعضهم ، هو قوله : "أما بعد " ; لأنه يفتتح إذا تكلم في الأمر الذي له شأن بذكر الله وتحميده ، فإذا أراد أن يخرج إلى الغرض المسوق إليه : فصل بينه وبين ذكر الله بقوله : أما بعد . ويجوز أن يراد الخطاب القصد الذي ليس فيه اختصار مخل ولا إشباع
[ ص: 252 ] ممل . ومنه ما جاء في صفة كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=938566فصل لا نذر ولا هذر .
nindex.php?page=treesubj&link=29009_19570_30614_31956_31957nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=17اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ nindex.php?page=treesubj&link=29009_24406_31757_31956_33133nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=18إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ nindex.php?page=treesubj&link=29009_31956_32445nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=19وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ nindex.php?page=treesubj&link=29009_31955_31956_34304nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=20وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ
فَإِنْ قُلْتَ : كَيْفَ تَطَابَقَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=17اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=17وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ حَتَّى عُطِفَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ ؟ قُلْتُ : كَأَنَّهُ قَالَ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ، وَعَظَّمَ أَمْرَ مَعْصِيَةِ اللَّهِ في أَعْيُنِهِمْ بِذِكْرِ قِصَّةِ
دَاوُدَ ، وَهُوَ أَنَّهُ نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ أَوْلَاهُ مَا أَوْلَاهُ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالْمُلْكِ ، وَلِكَرَامَتِهِ عَلَيْهِ وَزُلْفَتِهِ لَدَيْهِ ، ثُمَّ زَلَّ زَلَّةً فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَلَائِكَةَ وَوَبَّخَهُ عَلَيْهَا . عَلَى طَرِيقِ التَّمْثِيلِ وَالتَّعْرِيضِ ، حَتَّى فَطِنَ لِمَا وَقَعَ فيهِ فَاسْتَغْفَرَ وَأَنَابَ ، وَوَجَدَ مِنْهُ مَا يُحْكَى مِنْ بُكَائِهِ الدَّائِمِ وَغَمِّهِ الْوَاصِبِ ، وَنَقَشَ جِنَايَتَهُ في بَطْنِ كَفِّهِ حَتَّى لَا يَزَالَ يُجَدِّدُ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَالنَّدَمَ عَلَيْهَا ، فَمَا الظَّنُّ بِكُمْ مَعَ كُفْرِكُمْ وَمَعَاصِيكُمْ ؟ أَوْ قَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ، وَصُنْ نَفْسَكَ وَحَافِظْ عَلَيْهَا أَنْ تَزِلَّ فيمَا كُلِّفْتَ مِنْ مُصَابِرَتِهِمْ وَتَحَمُّلِ أَذَاهُمْ ، وَاذْكُرْ أَخَاكَ
دَاوُدَ وَكَرَامَتَهُ عَلَى اللَّهِ كَيْفَ زَلَّ تِلْكَ الزَّلَّةَ الْيَسِيرَةَ فَلَقِيَ مِنْ تَوْبِيخِ اللَّهِ وَتَظْلِيمِهِ وَنِسْبَتِهِ إِلَى الْبَغْيِ مَا لَقِيَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=17ذَا الأَيْدِ ذَا الْقُوَّةِ في الدِّينِ
[ ص: 249 ] الْمُضْطَلِعَ بِمَشَاقِّهِ وَتَكَالِيفِهِ ، كَانَ عَلَى نُهُوضِهِ بِأَعْبَاءِ النُّبُوَّةِ وَالْمُلْكِ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا ، وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=2328أَشَدُّ الصَّوْمِ ، وَيَقُومُ نِصْفَ اللَّيْلِ . يُقَالُ : فُلَانٌ أَيْدٍ ، وَذُو أَيْدٍ ، وَذُو آدٍ . وَأَيَادٍ كُلُّ شَيْءٍ : مَا يَتَقَوَّى بِهِ "أَوَّابٌ " تَوَّابٌ رَجَّاعٌ إِلَى مَرْضَاةِ اللَّهِ . فَإِنْ قُلْتَ : مَا دَلَّكَ عَلَى أَنَّ الْأَيْدَ الْقُوَّةُ في الدِّينِ ؟ قُلْتُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=17إِنَّهُ أَوَّابٌ ; لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِذِي الْأَيْدِ . "وَالْإِشْرَاقُ " وَقْتُ الْإِشْرَاقِ ، وَهُوَ حِينَ تُشْرِقُ الشَّمْسُ ، أَيْ : تُضِيءُ وَيَصْفُو شُعَاعُهَا وَهُوَ وَقْتُ الضُّحَى ، وَأَمَّا شُرُوقُهَا فَطُلُوعُهَا ، يُقَالُ : شَرِقَتِ الشَّمْسُ ، وَلَمَّا تُشْرِقُ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=910535وَعَنْ nindex.php?page=showalam&ids=94أُمِّ هَانِئٍ : دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى صَلَاةَ الضُّحَى وَقَالَ : "يَا nindex.php?page=showalam&ids=94أُمَّ هَانِئٍ هَذِهِ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ " . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : هَلْ تَجِدُونَ ذِكْرَ صَلَاةِ الضُّحَى في الْقُرْآنِ ؟ قَالُوا : لَا ، فَقَرَأَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=18إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ وَقَالَ : كَانَتْ صَلَاةً يُصَلِّيهَا
دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَعَنْهُ : مَا عَرَفْتُ
nindex.php?page=treesubj&link=1226_1223_1222صَلَاةَ الضُّحَى إِلَّا بِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَعَنْهُ : لَمْ يَزَلْ في نَفْسِي مِنْ صَلَاةِ الضُّحَى شَيْءٌ حَتَّى طَلَبْتُهَا فَوَجَدْتُهَا بِهَذِهِ الْآيَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=18يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ وَكَانَ لَا يُصَلِّي صَلَاةَ الضُّحَى ، ثُمَّ صَلَّاهَا بَعْدُ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16850كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11لِابْنِ عَبَّاسٍ : إِنِّي لَا أَجِدُ في كُتُبِ اللَّهِ صَلَاةً بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ، فَقَالَ : أَنَا أُوجِدُكَ ذَلِكَ في كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ، يَعْنِي هَذِهِ الْآيَةَ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَشْرَقَ الْقَوْمُ إِذَا
[ ص: 250 ] دَخَلُوا في الشُّرُوقِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ [الْحِجْرَ : 73 ] وَقَوْلُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ : أَشْرِقْ ثَبِيرُ ، وَيُرَادُ وَقْتُ صَلَاةِ الْفَجْرِ لِانْتِهَائِهِ بِالشُّرُوقِ . وَيُسَبِّحْنَ : في مَعْنَى وَمُسَبِّحَاتٍ عَلَى الْحَالِ . فَإِنْ قُلْتَ : هَلْ مِنْ فَرْقٍ بَيْنَ يُسَبِّحْنَ وَمُسَبِّحَاتٍ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، وَمَا اخْتِيرَ يُسَبِّحْنَ عَلَى مُسَبِّحَاتٍ إِلَّا لِذَلِكَ ، وَهُوَ الدَّلَالَةُ عَلَى حُدُوثِ التَّسْبِيحِ مِنَ الْجِبَالِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَحَالًا بَعْدَ حَالٍ ، كَأَنَّ السَّامِعَ مُحَاضِرٌ تِلْكَ الْحَالَ يَسْمَعُهَا تُسَبِّحُ . وَمِثْلُهُ قَوْلُ
الْأَعْشَى [مِنَ الطَّوِيلِ ] :
إِلَى ضَوْءِ نَارٍ في يَفَاعٍ تَحْرِقُ
وَلَوْ قَالَ : مُحْرِقَةٌ ، لَمْ يَكُنْ شَيْئًا . وَقَوْلُهُ : "مَحْشُورَةً " في مُقَابَلَةِ : "يُسَبِّحْنَ " إِلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ في الْحَشْرِ مَا كَانَ في التَّسْبِيحِ مِنْ إِرَادَةِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْحُدُوثِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ ، جِيءَ بِهِ اسْمًا لَا فِعْلًا . وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ : وَسَخَّرْنَا الطَّيْرَ يُحْشَرْنَ -عَلَى أَنَّ الْحَشْرَ يُوجَدُ مِنْ حَاشِرِهَا شَيْئًا شَيْءٌ ، وَالْحَاشِرُ هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ - لَكَانَ خُلْفًا ; لِأَنَّ حَشْرَهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً أَدَلُّ عَلَى الْقُدْرَةِ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ إِذَا سَبَّحَ جَاوَبَتْهُ الْجِبَالُ بِالتَّسْبِيحِ ، وَاجْتَمَعَا إِلَيْهِ الطَّيْرُ فَسَبَّحَتْ ، فَذَلِكَ حَشْرُهَا . وَقُرِئَ : (وَالطَّيْرُ مَحْشُورَةٌ ) بِالرَّفْعِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=19كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْجِبَالِ وَالطَّيْرِ لِأَجْلِ
دَاوُدَ ، أَيْ : لِأَجْلِ تَسْبِيحِهِ مُسَبِّحٌ ; لِأَنَّهَا كَانَتْ تُسَبِّحُ بِتَسْبِيحِهِ ، وَوُضِعَ الْأَوَّابُ مَوْضِعَ الْمُسَبِّحِ : إِمَّا لِأَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّعُ التَّسْبِيحَ ، وَالْمُرَجِّعُ
[ ص: 251 ] رَجَّاعٌ ; لِأَنَّهُ يُرَجِّعُ إِلَى فِعْلِهِ رُجُوعًا بَعْدَ رُجُوعٍ ، وَإِمَّا لِأَنَّ الْأَوَّابَ -وَهُوَ التَّوَّابُ الْكَثِيرُ الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ وَطَلَبِ مَرْضَاتِهِ - مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يُكْثِرَ ذِكْرَ اللَّهِ وَيُدِيمَ تَسْبِيحَهُ وَتَقْدِيسَهُ . وَقِيلَ : الضَّمِيرُ لِلَّهِ ، أَيْ : كُلٌّ مِنْ
دَاوُدَ وَالْجِبَالِ وَالطَّيْرِ لِلَّهِ أَوَّابٌ ، أَيْ مُسَبِّحٌ مُرَجِّعٌ لِلتَّسْبِيحِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=20وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ قَوَّيْنَاهُ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35سَنَشُدُّ عَضُدَكَ [الْقَصَصَ : 35 ] وَقُرِئَ : وَ (شَدَّدْنَا ) عَلَى الْمُبَالَغَةِ . قِيلَ : كَانَ يَبِيتُ حَوْلَ مِحْرَابِهِ أَرْبَعُونَ أَلْفَ مُسْتَلْئِمٍ يَحْرُسُونَهُ وَقِيلَ : الَّذِي شَدَّ اللَّهُ بِهِ مُلْكَهُ وَقَذَفَ في قُلُوبِ قَوْمِهِ الْهَيْبَةَ ، أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عِنْدَهُ عَلَى آخَرَ بَقَرَةً ، وَعَجَزَ عَنْ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ في الْمَنَامِ : أَنِ اقْتُلْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، فَقَالَ : هَذَا مَنَامٌ ، فَأُعِيدَ الْوَحْيُ في الْيَقَظَةِ ، فَأَعْلَمَ الرَّجُلَ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَأْخُذْنِي بِهَذَا الذَّنْبِ ، وَلَكِنْ بِأَنِّي قَتَلْتُ أَبَا هَذَا غِيلَةً ، فَقَتَلَهُ ، فَقَالَ النَّاسُ : إِنْ أَذْنَبَ أَحَدٌ ذَنْبًا أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَقَتَلَهُ ، فَهَابُوهُ . "الْحِكْمَةَ " الزَّبُورَ وَعِلْمَ الشَّرَائِعِ . وَقِيلَ : كُلُّ كَلَامٍ وَافَقَ الْحَقَّ فَهُوَ حِكْمَةٌ . الْفَصْلُ : التَّمَيُّزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ . وَقِيلَ لِلْكَلَامِ الْبَيِّنِ : فَصْلٌ ، بِمَعْنَى الْمَفْصُولِ كَضَرْبِ الْأَمِيرِ ; لِأَنَّهُمْ قَالُوا : كَلَامٌ مُلْتَبِسٌ ، وَفى كَلَامِهِ لَبْسٌ . وَالْمُلْتَبِسُ : الْمُخْتَلِطُ ، فَقِيلَ في نَقِيضِهِ : فَصْلٌ ، أَيْ : مَفْصُولٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ ، فَمَعْنَى فَصْلِ الْخِطَابِ الْبَيِّنُ مِنَ الْكَلَامِ الْمُلَخَّصُ الَّذِي يَتَبَيَّنُهُ مَنْ يُخَاطَبُ بِهِ لَا يَلْتَبِسَنَّ عَلَيْهِ ، وَمِنْ فَصْلِ الْخِطَابِ وَمُلَخَّصِهِ : أَنْ لَا يُخْطِئَ صَاحِبُهُ مَظَانَّ الْفَصْلِ وَالْوَصْلِ ، فَلَا يَقِفُ في كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ ، وَلَا يَتْلُو قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=4فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ [الْمَاعُونَ : 4 ] إِلَّا مَوْصُولًا بِمَا بَعْدَهُ ، وَلَا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=232وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ حَتَّى يَصِلَهُ بِقَوْلِهِ : "لَا تَعْلَمُونَ " [الْبَقَرَةَ : 232 ] وَنَحْوَ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ مَظَانُّ الْعَطْفِ وَتَرْكُهُ ، وَالْإِضْمَارُ وَالْإِظْهَارُ وَالْحَذْفُ وَالتَّكْرَارُ ، وَإِنْ شِئْتَ كَانَ الْفَصْلُ بِمَعْنَى الْفَاصِلِ ، كَالصَّوْمِ وَالزُّورِ ، وَأَرَدْتُ بِفَصْلِ الْخِطَابِ : الْفَاصِلُ مِنَ الْخِطَابِ الَّذِي يَفْصِلُ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ ، وَالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ ، وَالصَّوَابِ وَالْخَطَأِ ، وَهُوَ كَلَامُهُ في الْقَضَايَا وَالْحُكُومَاتِ ، وَتَدَابِيرِ الْمُلْكِ وَالْمَشُورَاتِ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ . وَهُوَ مِنَ الْفَصْلِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ ، وَيَدْخُلُ فيهِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ ، هُوَ قَوْلُهُ : "أَمَّا بَعْدُ " ; لِأَنَّهُ يَفْتَتِحُ إِذَا تَكَلَّمَ في الْأَمْرِ الَّذِي لَهُ شَأْنٌ بِذِكْرِ اللَّهِ وَتَحْمِيدِهِ ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْغَرَضِ الْمَسُوقِ إِلَيْهِ : فَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذِكْرِ اللَّهِ بِقَوْلِهِ : أَمَّا بَعْدُ . وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ الْخِطَابُ الْقَصْدُ الَّذِي لَيْسَ فيهِ اخْتِصَارٌ مُخِلٌّ وَلَا إِشْبَاعٌ
[ ص: 252 ] مُمِلٌّ . وَمِنْهُ مَا جَاءَ في صِفَةِ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=938566فَصْلٌ لَا نَذْرٌ وَلَا هَذْرٌ .