[ ص: 428 ] سورة الهمزة
مكية، وآياتها تسع
نزلت بعد [القيامة]
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=29075_28861_30532_32534nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=1ويل لكل همزة لمزة nindex.php?page=treesubj&link=29075_28861_32944_34310nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=2الذي جمع مالا وعدده nindex.php?page=treesubj&link=29075_28861_32944_34310nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=3يحسب أن ماله أخلده nindex.php?page=treesubj&link=29075_28861_30351_30428_30434_30437_30532_30539nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=4كلا لينبذن في الحطمة nindex.php?page=treesubj&link=29075_28861_30428_30434_30437_30539nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=5وما أدراك ما الحطمة nindex.php?page=treesubj&link=29075_28861_30434_30539nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=6نار الله الموقدة nindex.php?page=treesubj&link=29075_28861_30434_30539nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=7التي تطلع على الأفئدة nindex.php?page=treesubj&link=29075_28861_30434_30539nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=8إنها عليهم مؤصدة nindex.php?page=treesubj&link=29075_28861_30434_30539nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=9في عمد ممددة
الهمز: الكسر، كالهزم. واللمز: الطعن. يقال: لمزه ولهزه طعنه، والمراد: الكسر من أعراض الناس والغض منهم، واغتيابهم; والطعن فيهم، وبناء "فعلة" يدل على أن ذلك عادة منه قد ضري بها. ونحوهما: اللعنة والضحكة. قال [من البسيط]:
وإن أغيب فأنت الهامز اللمزه
[ ص: 429 ] وقرئ: ويل للهمزة اللمزة. وقرئ: "ويل لكل همزة لمزة" بسكون الميم: وهو المسخرة الذي يأتي بالأوابد والأضاحيك فيضحك منه، ويشتم. وقيل: نزلت في
الأخنس بن شريق وكانت عادته الغيبة والوقيعة. وقيل: في
أمية بن خلف . وقيل: في
الوليد بن المغيرة واغتيابه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وغضه منه. ويجوز أن يكون السبب خاصا والوعيد عاما، ليتناول كل من باشر ذلك القبيح، وليكون جاريا مجرى التعريض بالوارد فيه، فإن ذلك أزجر له وأنكى فيه "الذي" بدل من كل. أو نصب على الذم. وقرئ: "جمع" بالتشديد، وهو مطابق لعدده. وقيل: "عدده" جعله عدة لحوادث الدهر. وقرئ: "وعدده" أي: جمع المال وضبط عدده وأحصاه. أو جمع ماله وقومه الذين ينصرونه، من قولك: فلان ذو عدد وعدد: إذا كان له عدد وافر من الأنصار وما يصلحهم. وقيل: "وعدده" معناه: وعده على فك الإدغام، نحو: ضننوا.
"أخلده" وخلده بمعنى؛ أي: طول المال أمله، ومناه الأماني البعيدة، حتى أصبح لفرط غفلته وطول أمله يحسب أن المال تركه خالدا في الدنيا لا يموت. أو يعمل من تشييد البنيان الموثق بالصخر والآجر وغرس الأشجار وعمارة الأرض: عمل من يظن أن ماله أبقاه حيا. أو هو تعريض بالعمل الصالح. وأنه هو الذي أخلد صاحبه في النعيم; فأما المال فما أخلد أحدا فيه. وروي أنه كان
للأخنس أربعة آلاف دينار. وقيل: عشرة آلاف. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : أنه عاد موسرا فقال: ما تقول في ألوف لم أفتد بها من لئيم ولا تفضلت على كريم؟ قال: ولكن لماذا؟ قال: لنبوة الزمان، وجفوة السلطان، ونوائب الدهر. ومخافة الفقر. قال: إذن تدعه لمن لا يحمدك، وترد على من لا يعذرك "كلا" ردع له عن حسبانه. وقرئ: "لينبذان" أي: هو وماله. ولينبذن، بضم الذال، أي: هو وأنصاره. ولينبذنه
nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=4في الحطمة في النار التي من شأنها أن تحطم كل ما يلقى فيها. ويقال للرجل الأكول: إنه لحطمة. وقرئ: "الحاطمة" يعني أنها تدخل في أجوافهم حتى تصل إلى صدورهم وتطلع على أفئدتهم، وهي أوساط القلوب، ولا شيء في بدن الإنسان ألطف من الفؤاد، ولا أشد تألما منه بأدنى أذى يمسه، فكيف إذا اطلعت عليه نار جهنم واستولت عليه. ويجوز أن يخص الأفئدة لأنها مواطن الكفر والعقائد الفاسدة والنيات الخبيثة. ومعنى اطلاع النار عليها: أنها تعلوها وتغلبها وتشتمل عليها. أو تطالع على سبيل المجاز معادن موجبها "مؤصدة" مطبقة. قال [من الطويل]:
[ ص: 430 ] تحن إلى أجبال مكة ناقتي ومن دونها أبواب صنعاء موصده
وقرئ: "في عمد" بضمتين. وعمد، بسكون الميم. وعمد بفتحتين. والمعنى: أنه يؤكد يأسهم من الخروج وتيقنهم بحبس الأبد، فتؤصد عليهم الأبواب وتمدد على الأبواب العمد، استيثاقا 2 في استيثاق. ويجوز أن يكون المعنى: أنها عليهم مؤصدة، موثقين في عمد ممددة مثل المقاطر التي تقطر فيها اللصوص. اللهم أجرنا من النار يا خير مستجار.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
من قرأ سورة [الهمزة] أعطاه الله عشر حسنات بعدد من استهزأ بمحمد وأصحابه ".
[ ص: 428 ] سُورَةُ الْهُمَزَةِ
مَكِّيَّةٌ، وَآيَاتُهَا تِسْعٌ
نَزَلَتْ بَعْدَ [الْقِيَامَةِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=29075_28861_30532_32534nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=1وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ nindex.php?page=treesubj&link=29075_28861_32944_34310nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=2الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ nindex.php?page=treesubj&link=29075_28861_32944_34310nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=3يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ nindex.php?page=treesubj&link=29075_28861_30351_30428_30434_30437_30532_30539nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=4كَلا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ nindex.php?page=treesubj&link=29075_28861_30428_30434_30437_30539nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=5وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ nindex.php?page=treesubj&link=29075_28861_30434_30539nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=6نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ nindex.php?page=treesubj&link=29075_28861_30434_30539nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=7الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ nindex.php?page=treesubj&link=29075_28861_30434_30539nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=8إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ nindex.php?page=treesubj&link=29075_28861_30434_30539nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=9فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ
الْهَمْزُ: الْكَسْرُ، كَالْهَزْمِ. وَاللَّمْزُ: الطَّعْنُ. يُقَالُ: لَمَزَهُ وَلَهَزَهُ طَعَنَهُ، وَالْمُرَادُ: الْكَسْرُ مِنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ وَالْغَضُّ مِنْهُمْ، وَاغْتِيَابُهُمْ; وَالطَّعْنُ فِيهِمْ، وَبِنَاءُ "فُعَلَةَ" يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَادَةً مِنْهُ قَدْ ضَرِيَ بِهَا. وَنَحْوَهُمَا: اللُّعَنَةُ وَالضُّحَكَةُ. قَالَ [مِنَ الْبَسِيطِ]:
وَإِنْ أُغَيَّبْ فَأَنْتَ الْهَامِزُ اللُّمَزَهْ
[ ص: 429 ] وَقُرِئَ: وَيْلٌ لِلْهُمَزَةِ اللُّمَزَةِ. وَقُرِئَ: "وَيْلٌ لِكُلِّ هُمْزَةٍ لُمْزَةٍ" بِسُكُونِ الْمِيمِ: وَهُوَ الْمَسْخَرَةُ الَّذِي يَأْتِي بِالْأَوَابِدِ وَالْأَضَاحِيكِ فَيُضْحَكُ مِنْهُ، وَيَشْتُمُ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي
الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ وَكَانَتْ عَادَتُهُ الْغِيبَةَ وَالْوَقِيعَةَ. وَقِيلَ: فِي
أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ . وَقِيلَ: فِي
الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَاغْتِيَابِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَضِّهِ مِنْهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ خَاصًّا وَالْوَعِيدُ عَامًّا، لِيَتَنَاوَلَ كُلَّ مَنْ بَاشَرَ ذَلِكَ الْقَبِيحَ، وَلِيَكُونَ جَارِيًا مَجْرَى التَّعْرِيضِ بِالْوَارِدِ فِيهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَزْجَرُ لَهُ وَأَنْكَى فِيهِ "الَّذِي" بَدَلٌ مِنْ كُلٍّ. أَوْ نُصِبَ عَلَى الذَّمِّ. وَقُرِئَ: "جَمَّعَ" بِالتَّشْدِيدِ، وَهُوَ مُطَابِقٌ لِعَدَّدَهُ. وَقِيلَ: "عَدَّدَهُ" جَعَلَهُ عِدَّةً لِحَوَادِثِ الدَّهْرِ. وَقُرِئَ: "وَعَدَدَهُ" أَيْ: جَمَعَ الْمَالَ وَضَبَطَ عَدَدَهُ وَأَحْصَاهُ. أَوْ جَمَعَ مَالَهُ وَقَوْمَهُ الَّذِينَ يَنْصُرُونَهُ، مِنْ قَوْلِكَ: فُلَانٌ ذُو عَدَدٍ وَعُدَدٍ: إِذَا كَانَ لَهُ عَدَدٌ وَافِرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَمَا يُصْلِحُهُمْ. وَقِيلَ: "وَعَدَدَهُ" مَعْنَاهُ: وَعَدَّهُ عَلَى فَكِّ الْإِدْغَامِ، نَحْوَ: ضَنِنُوا.
"أَخْلَدَهُ" وَخَلَّدَهُ بِمَعْنًى؛ أَيْ: طَوَّلَ الْمَالُ أَمَلَهُ، وَمَنَّاهُ الْأَمَانِيَّ الْبَعِيدَةَ، حَتَّى أَصْبَحَ لِفَرْطِ غَفْلَتِهِ وَطُولِ أَمَلِهِ يَحْسَبُ أَنَّ الْمَالَ تَرَكَهُ خَالِدًا فِي الدُّنْيَا لَا يَمُوتُ. أَوْ يَعْمَلُ مِنْ تَشْيِيدِ الْبُنْيَانِ الْمُوثَقِ بِالصَّخْرِ وَالْآجُرِّ وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ وَعِمَارَةِ الْأَرْضِ: عَمَلَ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ مَالَهُ أَبْقَاهُ حَيًّا. أَوْ هُوَ تَعْرِيضٌ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ. وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَخْلَدَ صَاحِبَهُ فِي النَّعِيمِ; فَأَمَّا الْمَالُ فَمَا أَخْلَدَ أَحَدًا فِيهِ. وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ
لِلْأَخْنَسِ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِينَارٍ. وَقِيلَ: عَشَرَةُ آلَافٍ. وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ : أَنَّهُ عَادَ مُوسِرًا فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي أُلُوفٍ لَمْ أَفْتَدِ بِهَا مِنْ لَئِيمٍ وَلَا تَفَضَّلْتُ عَلَى كِرِيمٍ؟ قَالَ: وَلَكِنْ لِمَاذَا؟ قَالَ: لِنَبْوَةِ الزَّمَانِ، وَجَفْوَةِ السُّلْطَانِ، وَنَوَائِبِ الدَّهْرِ. وَمَخَافَةِ الْفَقْرِ. قَالَ: إِذَنْ تَدَعُهُ لِمَنْ لَا يَحْمَدُكَ، وَتَرِدُ عَلَى مَنْ لَا يَعْذُرُكَ "كَلَّا" رَدْعٌ لَهُ عَنْ حُسْبَانِهِ. وَقُرِئَ: "لَيُنْبَذَانِ" أَيْ: هُوَ وَمَالُهُ. وَلَيُنْبَذُنَّ، بِضَمِّ الذَّالِ، أَيْ: هُوَ وَأَنْصَارُهُ. وَلَيَنْبُذَنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=4فِي الْحُطَمَةِ فِي النَّارِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَحْطِمَ كُلَّ مَا يُلْقَى فِيهَا. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الْأَكُولِ: إِنَّهُ لَحُطَمَةٌ. وَقُرِئَ: "الْحَاطِمَةِ" يَعْنِي أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي أَجْوَافِهِمْ حَتَّى تَصِلَ إِلَى صُدُورِهِمْ وَتَطَّلِعَ عَلَى أَفْئِدَتِهِمْ، وَهِيَ أَوْسَاطُ الْقُلُوبِ، وَلَا شَيْءَ فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ أَلْطَفُ مِنَ الْفُؤَادِ، وَلَا أَشَدُّ تَأَلُّمًا مِنْهُ بِأَدْنَى أَذًى يَمَسُّهُ، فَكَيْفَ إِذَا اطَّلَعَتْ عَلَيْهِ نَارُ جَهَنَّمَ وَاسْتَوْلَتْ عَلَيْهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَخُصَّ الْأَفْئِدَةَ لِأَنَّهَا مَوَاطِنُ الْكُفْرِ وَالْعَقَائِدِ الْفَاسِدَةِ وَالنِّيَّاتِ الْخَبِيثَةِ. وَمَعْنَى اطِّلَاعِ النَّارِ عَلَيْهَا: أَنَّهَا تَعْلُوهَا وَتَغْلِبُهَا وَتَشْتَمِلُ عَلَيْهَا. أَوْ تُطَالِعُ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ مَعَادِنَ مُوجِبِهَا "مُؤْصَدَةٌ" مُطْبَقَةٌ. قَالَ [مِنَ الطَّوِيلِ]:
[ ص: 430 ] تَحِنُّ إِلَى أَجْبَالِ مَكَّةَ نَاقَتِي وَمِنْ دُونِهَا أَبْوَابُ صَنْعَاءَ مُوصَدَهْ
وَقُرِئَ: "فِي عُمُدٍ" بِضَمَّتَيْنِ. وَعُمْدٍ، بِسُكُونِ الْمِيمِ. وَعَمَدٍ بِفَتْحَتَيْنِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يُؤَكِّدُ يَأْسَهُمْ مِنَ الْخُرُوجِ وَتَيَقُّنَهُمْ بِحَبْسِ الْأَبَدِ، فَتُؤْصَدُ عَلَيْهِمُ الْأَبْوَابُ وَتُمَدَّدُ عَلَى الْأَبْوَابِ الْعَمَدُ، اسْتِيثَاقًا 2 فِي اسْتِيثَاقٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: أَنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ، مُوثَقِينَ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ مِثْلَ الْمَقَاطِرِ الَّتِي تُقْطَرُ فِيهَا اللُّصُوصُ. اللَّهُمَّ أَجِرْنَا مِنَ النَّارِ يَا خَيْرَ مُسْتَجَارٍ.
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
مَنْ قَرَأَ سُورَةَ [الْهُمَزَةِ] أَعْطَاهُ اللَّهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ بِعَدَدِ مَنِ اسْتَهْزَأَ بِمُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ ".