[ ص: 460 ] سورة الإخلاص
مكية، وقيل: مدنية، وآياتها أربع
نزلت بعد [الناس]
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=29083_28662_29705_33677nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قل هو الله أحد nindex.php?page=treesubj&link=29083_28723_33677nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=2الله الصمد nindex.php?page=treesubj&link=29083_29705_33677nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3لم يلد ولم يولد nindex.php?page=treesubj&link=29083_28662_29705_33677nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=4ولم يكن له كفوا أحد nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1هو ضمير الشأن، و "الله أحد" هو الشأن، كقولك: هو زيد منطلق، كأنه قيل: الشأن هذا، وهو أن الله واحد لا ثاني له. فإن قلت: ما محل هو؟ قلت: الرفع على الابتداء والخبر الجملة. فإن قلت: فالجملة الواقعة خبرا لا بد فيها من راجع إلى المبتدإ، فأين الراجع؟ قلت: حكم هذه الجملة حكم المفرد في قولك: "زيد غلامك" في أنه هو المبتدأ في المعنى، وذلك أن قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1الله أحد هو الشأن الذي هو عبارة عنه، وليس كذلك "زيد أبوه منطلق" فإن زيدا والجملة يدلان على معنيين مختلفين، فلا بد مما يصل بينهما. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : قالت
قريش : يا
محمد ، صف لنا ربك الذي تدعونا إليه، فنزلت: يعني: الذي سألتموني وصفه هو الله، أحد: بدل من قوله، "الله". أو على: هو أحد، وهو بمعنى واحد، وأصله وحد. وقرأ عبد الله وأبي: "هو الله أحد" بغير "قل" وفي قراءة النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أحد" بغير "قل هو" وقال
من قرأ: الله أحد، كان بعدل القرآن. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : "قل هو الله الواحد". وقرئ: "أحد الله" بغير تنوين، أسقط لملاقاته لام التعريف. ونحوه [من المتقارب]:
..................... ولا ذاكر الله إلا قليلا
[ ص: 461 ] والجيد هو التنوين، وكسره لالتقاء الساكنين. و "الصمد" فعل بمعنى مفعول، من صمد إليه إذا قصده، وهو السيد المصمود إليه في الحوائج. والمعنى: هو الله الذي تعرفونه وتقرون بأنه خالق السماوات والأرض وخالقكم، وهو واحد متوحد بالإلهية لا يشارك فيها، وهو الذي يصمد إليه كل مخلوق ولا يستغنون عنه، وهو الغني عنهم.
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3لم يلد لأنه لا يجانس، حتى يكون له من جنسه صاحبة فيتوالدا. وقد دل على هذا المعنى بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة [الأنعام: 101].
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3ولم يولد لأن كل مولود محدث وجسم، وهو قديم لا أول لوجوده وليس بجسم ولم يكافئه أحد، أي: لم يماثله ولم يشاكله. ويجوز أن يكون من الكفاءة في النكاح، نفيا للصاحبة: سألوه أن يصفه لهم، فأوحى إليه ما يحتوى على صفاته، فقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1هو الله إشارة لهم إلى من هو خالق الأشياء وفاطرها، وفي طي ذلك وصفه بأنه قادر عالم; لأن الخلق يستدعي القدرة والعلم، لكونه واقعا على غاية إحكام واتساق وانتظام. وفي ذلك وصفه بأنه حي سميع بصير. وقوله: "أحد" وصف بالوحدانية ونفي الشركاء. وقوله: "الصمد" وصف بأنه ليس إلا محتاجا إليه، وإذا لم يكن إلا محتاجا إليه: فهو غني. وفي كونه غنيا مع كونه عالما: أنه عدل غير فاعل للقبائح، لعلمه بقبح القبيح وعلمه بغناه عنه. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3ولم يولد وصف بالقدم والأولية. وقوله: "لم يلد" نفي للشبه والمجانسة. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=4ولم يكن له كفوا أحد تقرير لذلك وبت للحكم به، فإن قلت: الكلام العربي الفصيح أن يؤخر الظرف الذي هو لغو غير مستقر ولا يقدم، وقد نص
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه على ذلك في كتابه، فما باله مقدما في أفصح كلام وأعربه؟ قلت: هذا الكلام إنما سيق لنفي المكافأة عن ذات الباري سبحانه; وهذا المعنى مصبه ومركزه هو هذا الظرف، فكان لذلك أهم شيء وأعناه، وأحقه بالتقدم وأجراه. وقرئ: "كفؤا" بضم الكاف والفاء. وبضم
[ ص: 462 ] الكاف وكسرها مع سكون الفاء: فإن قلت: لم كانت هذه السورة عدل القرآن كله على قصر منها وتقارب طرفيها؟ قلت: لأمر ما يسود من يسود، وما ذاك إلا لاحتوائها على صفات الله تعالى وعدله وتوحيده، وكفى دليلا من اعتراف بفضلها وصدق بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها: إن علم التوحيد من الله تعالى بمكان، وكيف لا يكون كذلك والعلم تابع للمعلوم: يشرف بشرفه، ويتضع بضعته; ومعلوم هذا العلم هو الله تعالى وصفاته، وما يجوز عليه وما لا يجوز، فما ظنك بشرف منزلته وجلالة محله، وإنافته على كل علم، واستيلائه على قصب السبق دونه; ومن ازدراه فلضعف علمه بمعلومه، وقلة تعظيمه له، وخلوه من خشيته، وبعده من النظر لعاقبته. اللهم احشرنا في زمرة العالمين بك العاملين
[ ص: 463 ] لك، القائلين بعدلك وتوحيدك، الخائفين من وعيدك. وتسمى سورة الأساس لاشتمالها على أصول الدين، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "
أسست السماوات السبع والأرضون السبع على قل هو الله أحد " يعني ما خلقت إلا لتكون دلائل على توحيد الله ومعرفة صفاته التي نطقت بها هذه السورة. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=688514أنه سمع رجلا يقرأ: قل هو الله أحد فقال: "وجبت". قيل: يا رسول الله وما وجبت؟ قال: "وجبت له الجنة ".
[ ص: 460 ] سُورَةُ الْإِخْلَاصِ
مَكِّيَّةٌ، وَقِيلَ: مَدَنِيَّةُ، وَآيَاتُهَا أَرْبَعٌ
نَزَلَتْ بَعْدَ [النَّاسِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=29083_28662_29705_33677nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ nindex.php?page=treesubj&link=29083_28723_33677nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=2اللَّهُ الصَّمَدُ nindex.php?page=treesubj&link=29083_29705_33677nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ nindex.php?page=treesubj&link=29083_28662_29705_33677nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=4وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1هُوَ ضَمِيرُ الشَّأْنِ، وَ "اللَّهُ أَحَدٌ" هُوَ الشَّأْنُ، كَقَوْلِكَ: هُوَ زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ، كَأَنَّهُ قِيلَ: الشَّأْنُ هَذَا، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَا ثَانِيَ لَهُ. فَإِنْ قُلْتَ: مَا مَحَلُّ هُوَ؟ قُلْتُ: الرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ الْجُمْلَةُ. فَإِنْ قُلْتَ: فَالْجُمْلَةُ الْوَاقِعَةُ خَبَرًا لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رَاجِعٍ إِلَى الْمُبْتَدَإِ، فَأَيْنَ الرَّاجِعُ؟ قُلْتُ: حُكْمُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ حُكْمُ الْمُفْرَدِ فِي قَوْلِكَ: "زَيْدٌ غُلَامُكَ" فِي أَنَّهُ هُوَ الْمُبْتَدَأُ فِي الْمَعْنَى، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1اللَّهُ أَحَدٌ هُوَ الشَّأْنُ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ "زَيْدٌ أَبُوهُ مُنْطَلِقٌ" فَإِنَّ زَيْدًا وَالْجُمْلَةَ يَدُلَّانِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، فَلَا بُدَّ مِمَّا يَصِلُ بَيْنَهُمَا. وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : قَالَتْ
قُرَيْشٌ : يَا
مُحَمَّدُ ، صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي تَدْعُونَا إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ: يَعْنِي: الَّذِي سَأَلْتُمُونِي وَصْفَهُ هُوَ اللَّهُ، أَحَدٌ: بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ، "اللَّهُ". أَوْ عَلَى: هُوَ أَحَدٌ، وَهُوَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَأَصْلُهُ وَحَدَ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ وَأُبَيٌّ: "هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" بِغَيْرِ "قُلْ" وَفِي قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُ أَحَدٌ" بِغَيْرِ "قُلْ هُوَ" وَقَالَ
مَنْ قَرَأَ: اللَّهُ أَحَدٌ، كَانَ بِعَدْلِ الْقُرْآنِ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ : "قُلْ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ". وَقُرِئَ: "أَحَدُ اللَّهُ" بِغَيْرِ تَنْوِينٍ، أُسْقِطَ لِمُلَاقَاتِهِ لَامَ التَّعْرِيفِ. وَنَحْوَهُ [مِنَ الْمُتَقَارَبِ]:
..................... وَلَا ذَاكِرَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا
[ ص: 461 ] وَالْجَيِّدُ هُوَ التَّنْوِينُ، وَكَسْرُهُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. وَ "الصَّمَدُ" فِعْلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، مِنْ صَمَدَ إِلَيْهِ إِذَا قَصَدَهُ، وَهُوَ السَّيِّدُ الْمَصْمُودُ إِلَيْهِ فِي الْحَوَائِجِ. وَالْمَعْنَى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي تَعْرِفُونَهُ وَتُقِرُّونَ بِأَنَّهُ خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَخَالِقُكُمْ، وَهُوَ وَاحِدٌ مُتَوَحِّدٌ بِالْإِلَهِيَّةِ لَا يُشَارَكُ فِيهَا، وَهُوَ الَّذِي يَصْمُدُ إِلَيْهِ كُلُّ مَخْلُوقٍ وَلَا يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ، وَهُوَ الْغَنِيُّ عَنْهُمْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3لَمْ يَلِدْ لِأَنَّهُ لَا يُجَانَسُ، حَتَّى يَكُونَ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ صَاحِبَةٌ فَيَتَوَالَدَا. وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ [الْأَنْعَامِ: 101].
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3وَلَمْ يُولَدْ لِأَنَّ كُلُّ مَوْلُودٍ مُحْدَثٌ وَجِسْمٌ، وَهُوَ قَدِيمٌ لَا أَوَّلَ لِوُجُودِهِ وَلَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَمْ يُكَافِئْهُ أَحَدٌ، أَيْ: لَمْ يُمَاثِلْهُ وَلَمْ يُشَاكِلْهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ، نَفْيًا لِلصَّاحِبَةِ: سَأَلُوهُ أَنْ يَصِفَهُ لَهُمْ، فَأَوْحَى إِلَيْهِ مَا يُحْتَوَى عَلَى صِفَاتِهِ، فَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1هُوَ اللَّهُ إِشَارَةٌ لَهُمْ إِلَى مَنْ هُوَ خَالِقُ الْأَشْيَاءِ وَفَاطِرُهَا، وَفِي طَيِّ ذَلِكَ وَصْفُهُ بِأَنَّهُ قَادِرٌ عَالِمٌ; لِأَنَّ الْخَلْقَ يَسْتَدْعِي الْقُدْرَةَ وَالْعِلْمَ، لِكَوْنِهِ وَاقِعًا عَلَى غَايَةِ إِحْكَامٍ وَاتِّسَاقٍ وَانْتِظَامٍ. وَفِي ذَلِكَ وَصْفُهُ بِأَنَّهُ حَيٌّ سَمِيعٌ بَصِيرٌ. وَقَوْلُهُ: "أَحَدٌ" وَصْفٌ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَنَفْيِ الشُّرَكَاءِ. وَقَوْلُهُ: "الصَّمَدُ" وَصْفٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ إِلَّا مُحْتَاجًا إِلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ إِلَّا مُحْتَاجًا إِلَيْهِ: فَهُوَ غَنِيٌّ. وَفِي كَوْنِهِ غَنِيًّا مَعَ كَوْنِهِ عَالِمًا: أَنَّهُ عَدْلٌ غَيْرُ فَاعِلٍ لِلْقَبَائِحِ، لِعِلْمِهِ بِقُبْحِ الْقَبِيحِ وَعِلْمِهِ بِغِنَاهُ عَنْهُ. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=3وَلَمْ يُولَدْ وَصْفٌ بِالْقِدَمِ وَالْأَوَّلِيَّةِ. وَقَوْلُهُ: "لَمْ يَلِدْ" نَفْيٌ لِلشَّبَهِ وَالْمُجَانَسَةِ. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=4وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ تَقْرِيرٌ لِذَلِكَ وَبَتٌّ لِلْحُكْمِ بِهِ، فَإِنْ قُلْتَ: الْكَلَامُ الْعَرَبِيُّ الْفَصِيحُ أَنْ يُؤَخَّرَ الظَّرْفُ الَّذِي هُوَ لَغْوٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَلَا يُقَدَّمُ، وَقَدْ نَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، فَمَا بَالُهُ مُقَدَّمًا فِي أَفْصَحِ كَلَامٍ وَأَعْرَبِهِ؟ قُلْتُ: هَذَا الْكَلَامُ إِنَّمَا سِيقَ لِنَفْيِ الْمُكَافَأَةِ عَنْ ذَاتِ الْبَارِي سُبْحَانَهُ; وَهَذَا الْمَعْنَى مَصَبُّهُ وَمَرْكَزُهُ هُوَ هَذَا الظَّرْفُ، فَكَانَ لِذَلِكَ أَهَمَّ شَيْءٍ وَأَعْنَاهُ، وَأَحَقَّهُ بِالتَّقَدُّمِ وَأَجْرَاهُ. وَقُرِئَ: "كُفُؤًا" بِضَمِّ الْكَافِ وَالْفَاءِ. وَبِضَمِّ
[ ص: 462 ] الْكَافِ وَكَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ الْفَاءِ: فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ كَانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عِدْلَ الْقُرْآنِ كُلِّهِ عَلَى قَصَرٍ مِنْهَا وَتَقَارُبِ طَرَفَيْهَا؟ قُلْتُ: لِأَمْرٍ مَا يَسُودُ مَنْ يَسُودُ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِاحْتِوَائِهَا عَلَى صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَدْلِهِ وَتَوْحِيدِهِ، وَكَفَى دَلِيلًا مِنَ اعْتِرَافٍ بِفَضْلِهَا وَصِدْقٍ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا: إِنَّ عِلْمَ التَّوْحِيدِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَكَانٍ، وَكَيْفَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَالْعِلْمُ تَابِعٌ لِلْمَعْلُومِ: يَشْرُفُ بِشَرَفِهِ، وَيَتَّضِعُ بِضِعَتِهِ; وَمَعْلُومٌ هَذَا الْعِلْمُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَصِفَاتُهُ، وَمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يَجُوزُ، فَمَا ظَنُّكَ بِشَرَفِ مَنْزِلَتِهِ وَجَلَالَةِ مَحَلِّهِ، وَإِنَافَتِهِ عَلَى كُلِّ عِلْمٍ، وَاسْتِيلَائِهِ عَلَى قَصَبِ السَّبْقِ دُونَهُ; وَمَنِ ازْدَرَاهُ فَلِضَعْفِ عِلْمِهِ بِمَعْلُومِهِ، وَقِلَّةِ تَعْظِيمِهِ لَهُ، وَخُلُوِّهِ مِنْ خَشْيَتِهِ، وَبُعْدِهِ مِنَ النَّظَرِ لِعَاقِبَتِهِ. اللَّهُمَّ احْشُرْنَا فِي زُمْرَةِ الْعَالِمِينَ بِكَ الْعَامِلِينَ
[ ص: 463 ] لَكَ، الْقَائِلِينَ بِعَدْلِكَ وَتَوْحِيدِكَ، الْخَائِفِينَ مِنْ وَعِيدِكَ. وَتُسَمَّى سُورَةَ الْأَسَاسِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى أُصُولِ الدِّينِ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=9وَأَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
أُسِّسَتِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُونَ السَّبْعُ عَلَى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " يَعْنِي مَا خُلِقَتْ إِلَّا لِتَكُونَ دَلَائِلَ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَمَعْرِفَةِ صِفَاتِهِ الَّتِي نَطَقَتْ بِهَا هَذِهِ السُّورَةُ. عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=688514أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَقَالَ: "وَجَبَتْ". قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: "وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ".