الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون
[ ص: 363 ] الأنعام: الإبل خاصة. فإن قلت: لم قال: لتركبوا منها ولتبلغوا عليها، ولم يقل: لتأكلوا منها، ولتصلوا إلى منافع؟ أو هلا قال: منها تركبون ومنها تأكلون وتبلغون عليها حاجة في صدوركم؟ قلت في الركوب: الركوب في الحج والغزو، وفى بلوغ الحاجة: الهجرة من بلد إلى بلد لإقامة دين أو طلب علم، وهذه أغراض دينية إما واجبة أو مندوب إليها مما يتعلق به إرادة الحكيم. وأما الأكل وإصابة المنافع: فمن جنس المباح الذي لا يتعلق به إرادته، ومعنى قوله: وعليها وعلى الفلك تحملون وعلى الأنعام وحدها لا تحملون، ولكن عليها وعلى الفلك في البر والبحر. فإن قلت: هلا قيل: وفى الفلك، كما قال: قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين ؟ [هود: 40] قلت: معنى الإيعاء ومعنى الاستعلاء: كلاهما مستقيم; لأن الفلك وعاء لمن يكون فيها حمولة له يستعليها، فلما صح المعنيان صحت العبارتان. وأيضا فليطابق قوله: "وعليها" ويزاوجه ويريكم آياته فأي جاءت على اللغة المستفيضة. وقولك: فأية آيات الله قليل; لأن التفرقة بين المذكر والمؤنث في الأسماء غير الصفات نحو حمار وحمارة غريب. وهي في "أي" أغرب لإبهامه.