[ ص: 85 ] بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الأحزاب
هذه السورة مدنية بإجماع فيما علمت، وكذلك قال
المهدوي وغيره.
قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30556_30561_33522_29004nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=1يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما nindex.php?page=treesubj&link=28328_28723_34091_34513_29004nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=2واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا nindex.php?page=treesubj&link=19647_28723_32498_29004nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=3وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا
قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=1 "اتق" معناه: دم على التقوى، ومتى أمر أحد بشيء هو به متلبس فإنما معناه الدوام في المستقبل على مثل الحالة الماضية، وحذره تعالى من طاعة الكافرين، وهم المجلحون بالكفر، والمنافقون وهم المظهرون للإيمان وهم لا يبطنونه.
[ ص: 86 ] وسبب الآية أنهم كانوا يلحون على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطلبات والإرادات، ربما كان في إرادتهم سعي على الشرع، وهم يدخلونها مدخل المصالح، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخلقه العظيم وحرصه على استئلافهم ربما لا ينهم في بعض الأمور، فنزلت الآية بسبب ذلك، تحذيرا له منهم، وتنبيها على عداوتهم، والنوازل في طلباتهم كثيرة محفوظة.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=1إن الله كان عليما حكيما تسلية
لمحمد صلى الله عليه وسلم، أي: لا عليك منهم ولا من إيمانهم، فالله عليم بما ينبغي لك، حكيم في هدي من شاء وإضلال من شاء.
ثم أمره تعالى باتباع ما يوحى إليه - وهو القرآن الحكيم - والاقتصار على ذلك، وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=2إن الله كان بما تعملون خبيرا توعد ما. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو وحده: "يعملون" بالياء، والتوعد على هذه القراءة للكافرين والمنافقين أبين. وقوله "كان" في هاتين الآيتين يقتضي الدوام، أي: كان ويكون، وليست الدالة على زمن مخصوص للمضي.
ثم أمره تعالى بالتوكل على الله في جميع أمره، وأعلمه أن ذلك كاف مقنع، والباء في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=3 "بالله" زائدة على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، وكأنه قال: وكفى الله، وهي عنده كقولهم: بحسبك أن تفعل، وغيره يراها غير زائدة متعلقة بـ"كفى"، على معنى: اكتف بالله، و"الوكيل" القائم بالأمر المغني فيه عن كل شيء.
[ ص: 85 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تَفْسِيرُ سُورَةِ الْأَحْزَابِ
هَذِهِ السُّورَةُ مَدَنِيَّةٌ بِإِجْمَاعٍ فِيمَا عَلِمْتُ، وَكَذَلِكَ قَالَ
الْمَهَدُوِيُّ وَغَيْرُهُ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30556_30561_33522_29004nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=1يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا nindex.php?page=treesubj&link=28328_28723_34091_34513_29004nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=2وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا nindex.php?page=treesubj&link=19647_28723_32498_29004nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=3وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا
قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=1 "اتَّقِ" مَعْنَاهُ: دُمْ عَلَى التَّقْوَى، وَمَتَى أُمِرَ أَحَدٌ بِشَيْءٍ هُوَ بِهِ مُتْلَبِسٌ فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ الدَّوَامُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى مَثَلِ الْحَالَةِ الْمَاضِيَةِ، وَحَذَّرَهُ تَعَالَى مِنْ طَاعَةِ الْكَافِرِينَ، وَهُمُ الْمُجَلَّحُونَ بِالْكُفْرِ، وَالْمُنَافِقُونَ وَهُمُ الْمُظْهِرُونَ لِلْإِيمَانِ وَهُمْ لَا يُبْطِنُونَهُ.
[ ص: 86 ] وَسَبَبُ الْآيَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُلِحُّونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّلَبَاتِ وَالْإِرَادَاتِ، رُبَّمَا كَانَ فِي إِرَادَتِهِمْ سَعْيٌ عَلَى الشَّرْعِ، وَهُمْ يُدْخِلُونَهَا مَدْخَلَ الْمَصَالِحِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِخُلُقِهِ الْعَظِيمِ وَحِرْصِهِ عَلَى اسْتِئْلَافِهِمْ رُبَّمَا لَا يَنَهُمُ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، تَحْذِيرًا لَهُ مِنْهُمْ، وَتَنْبِيهًا عَلَى عَدَاوَتِهِمْ، وَالنَّوَازِلُ فِي طَلَبَاتِهِمْ كَثِيرَةٌ مَحْفُوظَةٌ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=1إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا تَسْلِيَةٌ
لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ: لَا عَلَيْكَ مِنْهُمْ وَلَا مِنْ إِيمَانِهِمْ، فَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَنْبَغِي لَكَ، حَكِيمٌ فِي هَدْيِ مَنْ شَاءَ وَإِضْلَالِ مَنْ شَاءَ.
ثُمَّ أَمَرَهُ تَعَالَى بِاتِّبَاعٍ مَا يُوحَى إِلَيْهِ - وَهُوَ الْقُرْآنُ الْحَكِيمُ - وَالِاقْتِصَارِ عَلَى ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=2إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا تَوَعُّدٌ مَّا. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أَبُو عَمْرُو وَحْدَهُ: "يَعْمَلُونَ" بِالْيَاءِ، وَالتَّوَعُّدُ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ لِلْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ أَبْيَنُ. وَقَوْلُهُ "كَانَ" فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ يَقْتَضِي الدَّوَامَ، أَيْ: كَانَ وَيَكُونُ، وَلَيْسَتِ الدَّالَّةَ عَلَى زَمَنٍ مَخْصُوصٍ لِلْمُضِيِّ.
ثُمَّ أَمَرَهُ تَعَالَى بِالتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ فِي جَمِيعِ أَمْرِهِ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّ ذَلِكَ كَافٍ مُقْنِعٌ، وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=3 "بِاللَّهِ" زَائِدَةٌ عَلَى مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَكَفَى اللَّهُ، وَهِيَ عِنْدُهُ كَقَوْلِهِمْ: بِحَسْبِكِ أَنْ تَفْعَلَ، وَغَيْرُهُ يَرَاهَا غَيْرَ زَائِدَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِـ"كَفَى"، عَلَى مَعْنَى: اكْتَفِ بِاللَّهِ، وَ"الْوَكِيلُ" الْقَائِمُ بِالْأَمْرِ الْمُغْنِي فِيهِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ.