21- قوله تعالى: وهل أتاك نبأ الخصم الآية. قال ذكر المحققون الذين يرون تنزيه الأنبياء أن الكيا: داود أقدم على خطبة امرأة قد خطبها غيره ولا زوجة له مع كثرة نساء داود غير عالم بذلك فنهاه الله بذلك من تسور الملكين وما أورداه من التمثيل على وجه التعريض ليعدل عن ذلك ويستغفر ربه من هذه الصغيرة لكن كيف يجوز أن يقول الملكان خصمان بغى بعضنا على بعض وذلك كذب والملائكة عن مثله منزهة وجوابه أن فيه تقديرا ، وكأنهما قالا: قدرنا كالخصمين وعلى ذلك يحمل قوله: إن هذا أخي إلى آخره ، انتهى. وقال الشيخ تقي الدين البكي في كتابه "القول المحمود في تنزيه داود" ومن خطه نقلت: تكلم الناس في داود وأكثروا وذلك مشهور جدا وذكروا أمورا منها ما هو منكر عند العلماء ومنها ما ارتضاه بعضهم وهو عندي منكر ، وتأملت القرآن فظهر لي وجه خلاف ذلك كله فإني نظرت قوله تعالى: قصة فغفرنا له ذلك فوجدته [ ص: 221 ] يقتضي أن المغفور في الآية يعني للإشارة بذلك ، فطلبته فوجدته أحد ثلاثة أمور: إما ظنه ، وإما اشتغاله بالحكم عن العبادة ، وإما اشتغاله بالعبادة عن الحكم ، كما أشعر به قوله: في المحراب وذلك أنه صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أن داود أعبد البشر فكأن داود انقطع ذلك اليوم في المحراب للعبادة الخاصة بينه وبين الله فجاءت الخصوم لم يجدوا إليه طريقا فتسوروا إليه وليسوا ملائكة ولا ضرب بهم مثل وإنما هم تخاصموا في نعاج على ظاهر الآية فلما وصلوا إليه حكم بينهم ثم من شدة خوفه وكثرة عبادته خاف أن يكون الله امتحنه بذلك إما لاشتغاله عن الحكم بالعبادة ذلك اليوم وإما لاشتغاله عن العبادة بالحكم تلك اللحظة فظن أن الله فتنه أي: امتحنه واختبره هل يترك الحكم للعبادة أو العبادة للحكم ، فاستغفر ربه ، فاستغفاره لأحد هذين الأمرين واحتمل ثالثا وهو ظنه ، وإن يكن الله لم يرد فتنته وإنما أراد إظهار كرامته ، وانظر قوله: وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب كيف يقتضي رفعه قدره وقوله: يا داود إنا جعلناك خليفة يقتضي ذلك ويقتضي ترجيح الحكم على العبادة وعلى أي وجه من الأوجه الثلاثة جملته حصل تنزيه داود عليه السلام مما يقوله القصاص ، انتهى. قلت: والقصة التي يحكونها في شأن المرأة وأنها أعجبته وأنه أرسل زوجها مع البعث حتى قتل أخرجهما من حديث ابن أبي حاتم مرفوعا ، وفي إسناده أنس وحاله معروف عن ابن لهيعة أبي صخر عن يزيد الرقاشي ، وأخرجهما من حديث موقوفا ، وقال ابن عباس في هذه القصة دليل على جواز ابن الفرس: والتلطف في رد الإنسان عن مكروه صنعه وأن لا يؤخذ بالعنف ما أمكن وجواز القضاء في المسجد المعاريض من القول.