قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=17يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعملون لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما nindex.php?page=treesubj&link=29027قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=17يطوف عليهم ولدان مخلدون أي غلمان لا يموتون ؛ قاله
مجاهد .
الحسن والكلبي : لا يهرمون ولا يتغيرون ، ومنه قول
امرئ القيس :
وهل ينعمن إلا سعيد مخلد قليل الهموم ما يبيت بأوجال
وقال
سعيد بن جبير : مخلدون مقرطون ، يقال للقرط : الخلدة ولجماعة الحلي : الخلدة . وقيل : مسورون ونحوه عن
الفراء ، قال الشاعر :
ومخلدات باللجين كأنما أعجازهن أقاوز الكثبان
وقيل : مقرطون يعني ممنطقون من المناطق . وقال
عكرمة : مخلدون : منعمون . وقيل : على سن واحدة أنشأهم الله لأهل الجنة يطوفون عليهم كما شاء من غير ولادة . وقال
علي بن أبي طالب رضي الله عنه
والحسن البصري : الولدان هاهنا ولدان المسلمين الذين يموتون صغارا ولا حسنة لهم ولا سيئة . وقال
سلمان الفارسي : أطفال المشركين هم خدم أهل الجنة . قال
الحسن : لم يكن لهم حسنات يجزون بها ، ولا سيئات يعاقبون عليها ، فوضعوا في هذا الموضع . والمقصود أن أهل الجنة على أتم السرور والنعمة ، والنعمة إنما تتم باحتفاف الخدم والولدان بالإنسان .
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=18بأكواب وأباريق أكواب جمع كوب وقد مضى في ( الزخرف )
[ ص: 185 ] وهي الآنية التي لا عرى لها ولا خراطيم ، والأباريق التي لها عرى وخراطيم واحدها إبريق ، سمي بذلك لأنه يبرق لونه من صفائه .
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=18وكأس من معين مضى في ( والصافات ) القول فيه . والمعين : الجاري من ماء أو خمر ، غير أن المراد في هذا الموضع الخمر الجارية من العيون . وقيل : الظاهرة للعيون فيكون " معين " مفعولا من المعاينة . وقيل : هو فعيل من المعن وهو الكثرة . وبين أنها ليست كخمر الدنيا التي تستخرج بعصر وتكلف ومعالجة .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=19لا يصدعون عنها أي لا تنصدع رءوسهم من شربها ، أي أنها لذة بلا أذى بخلاف شراب الدنيا .
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=19ولا ينزفون تقدم في ( والصافات ) أي لا يسكرون فتذهب عقولهم . وقرأ
مجاهد : " لا يصدعون " بمعنى لا يتصدعون أي لا يتفرقون ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=43يومئذ يصدعون . وقرأ
أهل الكوفة " ينزفون " بكسر الزاي ، أي لا ينفد شرابهم ولا تفنى خمرهم ، ومنه قول الشاعر :
لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم لبئس الندامى كنتم آل أبجرا
وروى
الضحاك عن
ابن عباس قال : في الخمر أربع خصال : السكر والصداع والقيء والبول ، وقد ذكر الله تعالى خمر الجنة فنزهها عن هذه الخصال .
nindex.php?page=treesubj&link=29027قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=20وفاكهة مما يتخيرون أي يتخيرون ما شاءوا لكثرتها . وقيل : وفاكهة متخيرة مرضية ، والتخير الاختيار .
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=21ولحم طير مما يشتهون روى
الترمذي عن
أنس بن مالك قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831301سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الكوثر ؟ قال : ذاك نهر أعطانيه الله تعالى - يعني في الجنة - أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل فيه طير أعناقها كأعناق الجزر قال عمر : إن هذه لناعمة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكلتها أحسن منها قال : حديث حسن . وخرجه
الثعلبي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866356إن في الجنة طيرا مثل أعناق البخت تصطف على يد ولي الله فيقول أحدها : يا ولي الله رعيت في مروج تحت العرش وشربت من عيون التسنيم فكل مني فلا يزلن يفتخرن بين يديه حتى يخطر على قلبه أكل أحدها فتخر بين يديه على ألوان مختلفة فيأكل منها ما أراد فإذا شبع تجمع عظام الطائر فطار يرعى في الجنة حيث شاء فقال عمر : يا نبي الله إنها لناعمة . فقال : آكلها أنعم منها . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
[ ص: 186 ] إن في الجنة لطيرا في الطائر منها سبعون ألف ريشة فيقع على صحفة الرجل من أهل الجنة ثم ينتفض فيخرج من كل ريشة لون طعام أبيض من الثلج وأبرد وألين من الزبد وأعذب من الشهد ليس فيه لون يشبه صاحبه فيأكل منه ما أراد ثم يذهب فيطير .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=22وحور عين قرئ بالرفع والنصب والجر ، فمن جر وهو
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وغيرهما جاز أن يكون معطوفا على " بأكواب " وهو محمول على المعنى ، لأن المعنى يتنعمون بأكواب وفاكهة ولحم وحور ؛ قاله
الزجاج . وجاز أن يكون معطوفا على " جنات " أي هم في جنات النعيم وفي حور على تقدير حذف المضاف ، كأنه قال : وفي معاشرة حور .
الفراء : الجر على الإتباع في اللفظ وإن اختلفا في المعنى ، لأن الحور لا يطاف بهن ، قال الشاعر :
إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا
والعين لا تزجج وإنما تكحل . وقال آخر :
ورأيت زوجك في الوغى متقلدا سيفا ورمحا
وقال
قطرب : هو معطوف على الأكواب والأباريق من غير حمل على المعنى . قال : ولا ينكر أن يطاف عليهم بالحور ويكون لهم في ذلك لذة . ومن نصب وهو
الأشهب العقيلي والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=16748وعيسى بن عمر الثقفي وكذلك هو في مصحف
أبي ، فهو على تقدير إضمار فعل ، كأنه قال : ويزوجون حورا عينا . والحمل في النصب على المعنى أيضا حسن ، لأن معنى يطاف عليهم به : يعطونه . ومن رفع وهم الجمهور - وهو اختيار
أبي عبيد وأبي حاتم - فعلى معنى : وعندهم حور عين ، لأنه لا يطاف عليهم بالحور . وقال
الكسائي : ومن قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=22وحور عين بالرفع وعلل بأنه لا يطاف بهن يلزمه ذلك في فاكهة ولحم ، لأن ذلك لا يطاف به وليس يطاف إلا بالخمر وحدها . وقال
الأخفش : يجوز أن يكون محمولا على المعنى : لهم أكواب ولهم حور عين . وجاز أن يكون معطوفا على " ثلة " و " ثلة " ابتداء وخبره
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=15على سرر موضونة وكذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=22وحور عين وابتدأ بالنكرة لتخصيصها بالصفة .
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=23كأمثال أي مثل أمثال
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=23اللؤلؤ المكنون أي : الذي لم تمسه الأيدي ولم يقع عليه الغبار فهو أشد ما يكون صفاء وتلألؤا ، أي هن في تشاكل أجسادهن في الحسن من جميع جوانبهن كما قال الشاعر :
[ ص: 187 ] كأنما خلقت في قشر لؤلؤة فكل أكنافها وجه لمرصاد
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=24جزاء بما كانوا يعملون أي ثوابا ونصبه على المفعول له . ويجوز أن يكون على المصدر ، لأن معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=17يطوف عليهم ولدان مخلدون يجازون . وقد مضى الكلام في الحور العين في ( والطور ) وغيرها . وقال
أنس : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
خلق الله الحور العين من الزعفران وقال
خالد بن الوليد : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
إن الرجل من أهل الجنة ليمسك التفاحة من تفاح الجنة فتنفلق في يده فتخرج منها حوراء لو نظرت للشمس لأخجلت الشمس من حسنها من غير أن ينقص من التفاحة فقال له رجل : يا أبا سليمان إن هذا لعجب ، ولا ينقص من التفاحة ؟ قال : نعم كالسراج الذي يوقد منه سراج آخر وسرج ولا ينقص ، والله على ما يشاء قدير . وروي عن
ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال :
خلق الله الحور العين ؛ من أصابع رجليها إلى ركبتيها من الزعفران ، ومن ركبتيها إلى ثدييها من المسك الأذفر ، ومن ثدييها إلى عنقها من العنبر الأشهب ، ومن عنقها إلى رأسها من الكافور الأبيض ، عليها سبعون ألف حلة مثل شقائق النعمان ، إذا أقبلت يتلألأ وجهها نورا ساطعا كما تتلألأ الشمس لأهل الدنيا ، وإذا أدبرت يرى كبدها من رقة ثيابها وجلدها ، في رأسها سبعون ألف ذؤابة من المسك الأذفر ، لكل ذؤابة منها وصيفة ترفع ذيلها وهي تنادي : هذا ثواب الأولياء nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=24جزاء بما كانوا يعملون .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=25لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما قال
ابن عباس : باطلا ولا كذبا . واللغو ما يلغى من الكلام ، والتأثيم مصدر أثمته أي قلت له أثمت .
محمد بن كعب :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=25ولا تأثيما أي لا يؤثم بعضهم بعضا .
مجاهد :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=25لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما شتما ولا مأثما .
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=26إلا قيلا سلاما سلاما " قيلا " منصوب ب " يسمعون " أو استثناء منقطع أي : لكن يقولون قيلا أو يسمعون . و
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=26سلاما سلاما منصوبان بالقول ، أي إلا أنهم يقولون الخير . أو على المصدر أي إلا أن يقول بعضهم لبعض : سلاما . أو يكون وصفا ل " قيلا " ، والسلام الثاني بدل من الأول ، والمعنى : إلا قيلا يسلم فيه من اللغو . ويجوز الرفع على تقدير : سلام عليكم . قال
ابن عباس : أي يحيي بعضهم بعضا . وقيل : تحييهم الملائكة أو يحييهم ربهم عز وجل .