( فإن ) هو جرى على الغالب فالمقيم مثله ( فقده ) وعود الضمير في كلامه للمضاف إليه سائغ بل متعين هنا بقرينة السياق ( تيمم بلا طلب ) بفتح اللام ويجوز إسكانها ، إذ طلب ما يعلم فقده عبث لا فائدة له ككونه في بعض رمال البوادي . تيقن المسافر
ومن صور تيقن فقده كما في البحر ما لو أخبره عدول بفقده ، بل الأوجه إلحاق العدل في ذلك بالجمع إذا أفاد الظن أخذا مما يأتي فيما لو بعث النازلون ثقة يطلب لهم ( وإن توهمه ) أي وقع في وهمه : أي ذهنه بأن جوز وجود ذلك كما قاله الشارح : يعني تجويزا راجحا وهو الظن ، أو مرجوحا وهو الوهم ، أو مستويا وهو الشك ، فليس [ ص: 266 ] المراد بالوهم هنا الثاني وإن كان صحيحا ( طلبه ) مما توهمه حتما وإن ظن عدمه كما مر ، إذ التيمم طهارة ضرورة ولا ضرورة مع إمكان الطهر بالماء ، ولا بد من وقوع الطلب في الوقت لانتفاء الضرورة قبله ، وله استنابة موثوق به فيه بخلاف القبلة لكونها مجتهدا فيها وما هنا محسوس ، ولا يكفي بلا إذن أو بإذن ليطلب له قبل الوقت ، أو أذن له قبله وأطلق فطلب له قبله أو شاكا فيه .
نعم الأقرب الاكتفاء في حالة الإطلاق بطلبه في الوقت كما لو وكل محرم حالا ليعقد له النكاح ، ولو أذن له قبل الوقت ليطلبه له فيه كفى ولا أثر لإخبار فاسق بماء وجودا ولا عدما خلافا ، ولو للماوردي تيمم لصاحبة الوقت بذلك الطلب كما قاله طلب قبل الوقت لفائتة أو نافلة فدخل الوقت عقب طلبه القفال في فتاويه ، ويؤخذ منه أن طلبه لعطش نفسه أو حيوان محترم كذلك ، وقد يجب طلبه قبل الوقت كما في الخادم أو في أوله لكون القافلة عظيمة لا يمكن استيعابها إلا بمبادرته أول الوقت ، فيجب عليه تعجيل الطلب في أظهر احتمالي ابن الأستاذ ، ولو طلب قبله ودام نظره إلى المواضع التي يجب نظرها حتى دخل الوقت كفى ، قاله ابن الصباغ وغيره ، ولا يجزئه مع الشك في دخول الوقت وإن صادفه ( من رحله ) هو مسكن الشخص [ ص: 267 ] من حجر أو مدر أو شعر أو وبر ، ويجمع في الكثرة على رحال وفي القلة على أرحل ، ويطلق أيضا على ما يستصحبه من الأثاث ( ورفقته ) بتثليث الراء : أي إلى أن يستوعبهم أو يضيق الوقت فلا يبقى إلا ما يسع تلك الصلاة ، ولا يجب الطلب من كل بعينه بل يكفي نداء يعم جميعهم بأن يقول من معه ماء من يجود به من يبيعه ، فيجمع بينهما لأنه قد يبذله ولا يهبه ولا يبيعه ، ولو اقتصر على من يجود به سكت من لا يبذله مجانا ، أو على إطلاق النداء سكت من يظن اتهابه ولا يسمح إلا ببيعه ولو بعث النازلون ثقة يطلبه لهم كفى ( ونظر حواليه ) من جهاته الأربع ( إن كان بمستو ) من الأرض ويخص مواضع الخضرة والطير بمزيد احتياط وهو واجب إن غلب على الظن توقف غلبة ظن الفقد عليه ( فإن احتاج إلى تردد ) بأن كان ثم شجر أو جبل أو وهدة أو نحوها ( تردد قدر نظره ) أي قدر ما ينظر إليه في المستوى ، والمراد نظر المعتدل ، وضبطه الإمام بحد الغوث وهو الموضع الذي لو استغاث برفقته لأغاثوه مع ما هم عليه من تشاغلهم بأحوالهم وتفاوضهم في أقوالهم .
وقول الشارح قيل وما هنا كالمحرر أزيد من ذلك بكثير واضح ، وإنما عبر عنه بقيل لعدم كونه في كلام الشيخين وإنما هو في كلام الشراح ، وعبر عنه [ ص: 268 ] في الشرح الصغير بغلوة سهم : أي غاية رميه ، ويختلف ذلك باستواء الأرض واختلافها صعودا وهبوطا ، وقولهم إن كان بمستو من الأرض نظر حواليه .
ولا يلزمه مشي أصلا وإن كان بقربه جبل صعده ونظر حواليه إن أمن .
قال رحمه الله في الشافعي : وليس عليه أن يدور لطلب الماء لأن ذلك أضر عليه من إتيانه الماء في المواضع البعيدة من طريقه وليس ذلك عليه عند أحد ا هـ . البويطي
قال الزركشي : فقد أشار إلى نقل الإجماع على عدم وجوب التردد ا هـ يمكن حمله على تردد غير متعين بأن كان لو صعد أحاط بحد الغوث من الجهات الأربع ، إذ لا فائدة مع ذلك لوجوب التردد وحمل الأول على ما إذا كان نحو الصعود لا يفيده النظر فتعين التردد ، ولا بد أن يأمن على نفسه وماله وعضوه واختصاصه المحترم وانقطاعا عن رفقته وإن لم يستوحش بخلاف الجمعة لتكرره كل يوم ، بخلافها وفوت وقت تلك الصلاة بأن لم يبق من ذلك إلا ما يسعها ، وبفارق واجد الماء بحيث لو توضأ خرج الوقت ولو [ ص: 269 ] جمعة فإنه يجب عليه الوضوء ولا يتيمم بأنه ليس بفاقد للماء ( فإن لم يجد ) بعد البحث المذكور ماء ( تيمم ) لأن الفقد حاصل جائز إن لم يحدث سبب يحتمل معه وجود الماء ( فلو ) طلب كما مر وتيمم ، و ( مكث ) بضم الكاف وفتحها ( موضعه ) ولم يتيقن عدمه بالطلب الأول ولم يوجد ما يحال عليه وجوده ( فالأصح وجوب الطلب ) ثانيا ( لما يطرأ ) أي سواء كان طريانه للحدث أم للجمع بين الصلاتين أم قضاء صلوات متوالية أم غير متوالية ونحو ذلك لاحتمال اطلاعه على بئر خفيت عليه أو وجود من يدله على الماء لكن الطلب الثاني أخف من الأول . وتأخير التيمم عن الطلب في الوقت
والثاني لا يجب لأنه لو كان هناك ماء لظفر به بالطلب الأول ، وقوله مكث موضعه من زياداته على المحرر من غير تمييز .