مسألة إذا مات في أثناء وقت الصلاة فجأة بعد العزم على الامتثال
إذا لا يكون عاصيا مات في أثناء وقت الصلاة فجأة بعد العزم على الامتثال
وقال بعض من أراد تحقيق معنى الوجوب : إنه يعصي . وهو خلاف إجماع السلف ، فإنا نعلم أنهم كانوا لا يؤثمون من ، وكانوا لا ينسبونه إلى تقصير لا سيما إذا اشتغل بالوضوء أو نهض إلى المسجد فمات في الطريق ، بل محال أن يعصي وقد جوز له التأخير فمن فعل ما يجوز له كيف يمكن تعصيته . مات فجأة بعد انقضاء مقدار أربع ركعات من وقت الزوال أو بعد انقضاء مقدار ركعتين من أول الصبح
فإن قيل : جاز له التأخير بشرط سلامة العاقبة . [ ص: 57 ] قلنا : هذا محال ، فإن العاقبة مستورة عنه ، فإذا سألنا ؟ فلا بد له من جواب ; فإن قلنا : لا يعصي فلم أثم بالموت الذي ليس إليه ، وإن قلنا : يعصي ، فهو خلاف الإجماع في الواجب الموسع ، وإن قلنا : إن كان في علم الله تعالى أنك تموت قبل الغد فأنت عاص وإن كان في علمه أن تحيا فلك التأخير ، فيقول وما يدريني ماذا في علم الله فما فتواكم في حق الجاهل ؟ فلا بد من الجزم بالتحليل أو التحريم . وقال العاقبة مستورة عني وعلي صوم يوم وأنا أريد أن أؤخره إلى غد فهل يحل لي التأخير مع الجهل بالعاقبة أم أعصي بالتأخير
فإن قيل : فإن جاز تأخيره أبدا ولا يعصي إذا مات فأي معنى لوجوبه ؟ قلنا تحقق الوجوب بأنه لم يجز التأخير إلا بشرط العزم ولا يجوز العزم على التأخير إلا إلى مدة يغلب على ظنه البقاء إليها ، كتأخيره الصلاة من ساعة إلى ساعة وتأخيره الصوم من يوم إلى يوم مع العزم على التفرغ له في كل وقت وتأخيره الحج من سنة إلى سنة ، فلو وغالب ظنه أنه لا يعيش إلى تلك المدة عصى بهذا التأخير وإن لم يمت ووفق للعمل لكنه مأخوذ بموجب ظنه ، كالمعزر إذا ضرب ضربا يهلك أو قاطع سلعة وغالب ظنه الهلاك أثم وإن سلم ; ولهذا قال عزم المريض المشرف على الهلاك على التأخير شهرا أو الشيخ الضعيف على التأخير سنين : لا يجوز تأخير الحج ; لأن البقاء إلى سنة لا يغلب على الظن ، وأما تأخير الصوم والزكاة إلى شهر وشهرين فجائز ; لأنه لا يغلب على الظن الموت إلى تلك المدة أبو حنيفة رحمه الله يرى البقاء إلى السنة الثانية غالبا على الظن في حق الشاب الصحيح دون الشيخ والمريض . والشافعي
ثم المعزر إذا فعل ما غالب ظنه السلامة فهلك ضمن لا ; لأنه آثم لكن ; لأنه أخطأ في ظنه والمخطئ ضامن غير آثم .