خاتمة الكتاب فيما يعرف به تاريخ الناسخ
فيما يعرف به تاريخ الناسخ
اعلم أنه إذا تناقض نصان فالناسخ هو المتأخر ، ولا يعرف تأخره بدليل العقل ولا بقياس الشرع بل بمجرد النقل ، ذلك بطرق :
الأول : أن يكون في اللفظ ما يدل عليه كقوله عليه السلام : { } ، وكقوله صلى الله عليه وسلم : { كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فالآن ادخروها } . كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها
الثاني : أن تجمع الأمة في حكم على أنه المنسوخ وأن ناسخه الآخر .
الثالث : أن يذكر الراوي التاريخ مثل أن يقول : سمعت عام الخندق أو عام الفتح وكان المنسوخ معلوما قبله ، ولا فرق بين أن يروي الناسخ والمنسوخ راو واحد أو راويان . ولا يثبت التاريخ بطرق :
الأول : أن يقول الصحابي كان الحكم علينا كذا ثم نسخ لأنه ربما قاله عن اجتهاد .
الثاني : أن يكون أحدهما مثبتا في المصحف بعد الآخر ; لأن السور والآيات ليس إثباتها على ترتيب النزول بل ربما قدم المتأخر .
الثالث : أن يكون راويه من أحداث الصحابة فقد ينقل الصبي عمن تقدمت صحبته وقد ينقل الأكابر عن الأصاغر وبعكسه .
الرابع : أن يكون الراوي أسلم عام الفتح ولم يقل إني سمعت عام الفتح ; إذ لعله سمع في حالة كفره ثم روى بعد الإسلام أو سمع ممن سبق بالإسلام .
الخامس : أن يكون الراوي قد انقطعت صحبته ، فربما يظن أن حديثه مقدم على حديث من بقيت صحبته وليس من ضرورة من تأخرت صحبته أن يكون حديثه متأخرا عن وقت انقطاع صحبة غيره .
السادس : أن يكون أحد الخبرين على وفق قضية العقل والبراءة الأصلية ، فربما يظن تقدمه ولا يلزم ذلك ، كقوله صلى الله عليه وسلم : { } ، ولا يلزم أن يكون متقدما على إيجاب الوضوء مما مست النار ; إذ يحتمل أنه أوجب ثم نسخ والله أعلم . وقد فرغنا من الأصل الأول من الأصول الأربعة وهو الكتاب ، ويتلوه القول في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا وضوء مما مسته النار