قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول قرأ الجمهور قوله تعالى : لا ذلول بالرفع على الصفة لبقرة . قال الأخفش : " لا ذلول " نعته ولا يجوز نصبه . وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي " لا ذلول " بالنصب على النفي والخبر مضمر . ويجوز : لا هي ذلول ، لا هي تسقي الحرث ، هي مسلمة . ومعنى " لا ذلول " لم يذللها العمل ، يقال : بقرة مذللة بينة الذل ( بكسر الذال ) . ورجل ذليل بين الذل ( بضم الذال ) . أي : هي بقرة صعبة غير ريضة لم تذلل بالعمل .
[ ص: 422 ] قوله تعالى : تثير الأرض تثير في موضع رفع على الصفة للبقرة أي : هي بقرة لا ذلول مثيرة . قال الحسن : وكانت تلك البقرة وحشية ؛ ولهذا وصفها الله تعالى بأنها لا تثير الأرض ولا تسقي الحرث أي : لا يسنى بها لسقي الزرع ولا يسقى عليها . والوقف هاهنا حسن . وقال قوم : تثير فعل مستأنف ، والمعنى إيجاب الحرث لها ، وأنها كانت تحرث ولا تسقي . والوقف على هذا التأويل " لا ذلول " . والقول الأول أصح لوجهين : أحدهما : ما ذكره النحاس ، عن علي بن سليمان أنه قال : لا يجوز أن يكون " تثير " مستأنفا ؛ لأن بعده ولا تسقي الحرث ، فلو كان مستأنفا لما جمع بين " الواو " و " لا " . الثاني : أنها لو كانت تثير الأرض لكانت الإثارة قد ذللتها ، والله تعالى قد نفى عنها الذل بقوله : " لا ذلول " .
قلت : ويحتمل أن تكون " تثير الأرض " في غير العمل مرحا ونشاطا ، كما قال امرؤ القيس :
يهيل ويذري تربه ويثيره إثارة نباث الهواجر مخمس
فعلى هذا يكون " تثير " مستأنفا ، و " لا تسقي " معطوف عليه ، فتأمله . وإثارة الأرض : تحريكها وبحثها ، ومنه الحديث : ( ) وفي رواية أخرى : ( أثيروا القرآن فإنه علم الأولين والآخرين ) وقد تقدم . وفي التنزيل : من أراد العلم فليثور القرآن وأثاروا الأرض أي : قلبوها للزراعة . والحرث : ما حرث وزرع . وسيأتي .