( الفصل الثاني : في - ) : صفاته - تعالى
في السورة من صفات الذات والأفعال : الحكيم الخبير العليم القدير الوكيل الغفور الرحيم الحفيظ القريب المجيب القوي العزيز الرقيب الودود البصير ، فمنها ما وصف به - تعالى - مفردا ، وما وصف به مقترنا بغيره ، وما اتصل بمتعلقه ، ولكل منها أتم المناسبة لموضوعه في موضعه ، مما يذكر المتدبر له بتدبيره - تعالى - لأمور عباده ، ويزيده إيمانا بمعرفة جلاله وجماله ، وكماله في صفاته وأفعاله ، ورحمته وإحسانه للمحسنين ، وتربيته وعقابه للمجرمين والظالمين ، وحسبك شاهدا عليه في نفسك تدبر إحاطة علمه - تعالى - بما تسر وتعلن في الآية الخامسة : - ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور - فلا تغفلن عن هذه المعاني أيها التالي للقرآن أو المستمع له فيفوتك من العرفان وغذاء الإيمان ، ما أنت في أشد الحاجة إليه لتزكية نفسك ، التي هي أقرب الوسائل لفلاحك وسعادتك ، فإن تأمل هذه الأسماء في مواضعها من بيان شئونه - تعالى - في العباد ، أقوى تفقيها في الدين وتكميلا للعرفان من تكرار الاسم الواحد مرارا كثيرة كما يفعل المتصوفة المرتاضون ، ومقلدتهم المرتزقون ، وهو غير مشروع خلافا لما زعمه المتأولون لقوله - تعالى - : - قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون - 6 : 91 فاسم الجلالة هنا مبتدأ لجملة في جواب سؤال حذف خبره لدلالة ما قبله عليه ، وهو قوله - تعالى - : - قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى 6 : 91 إلخ . والمعنى : قل الله هو الذي أنزله ، فهو ليس اسما مفردا يكرر تعبدا .
ومثله تأولهم لحديث : " " رواه لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله أحمد [ ص: 167 ] ومسلم عن والترمذي أنس ، ولفظ الجلالة فيه مرفوع على أنه مبتدأ حذف خبره للعلم به من القرينة ، والمعنى - حتى لا يقال : الله فعل كذا ، الله أمات وأحيا مثلا ، لذهاب الإيمان به - تعالى - ، والاسم المفرد في ذكرهم يكررونه بالسكون لا يقصد به معنى جملة ، وإنما يقصد به حصر التوجه وجمع الهمة بما جربه الرياضيون ، وجهله المقلدون .