الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          ( المسألة السادسة : اتباع الإتراف وما فيه من الفساد والإجرام ) :

                          بين الله لنا في خواتيم هذه السورة الأسباب النفسية لهلاك الأمم الذين قص علينا أنباء [ ص: 184 ] إهلاكهم ، فكانت الآية ( 116 ) من أجمعها للمعاني ، والمراد منها هنا أن مثار الظلم والإجرام الموجب لهلاك أهلها هو اتباع أكثرهم لما أترفوا فيه من أسباب النعيم والشهوات واللذات ، والمترفون هم مفسدوا الأمم ومهلكوها . وفي معنى هذه الآية آيات أخرى في سور الإسراء والأنبياء وسبأ والزخرف والواقعة ، ويؤيد مضمونها علم الاجتماع الحديث ووقائع التاريخ ، وإن كل ما نشاهده من الفساد في عصرنا فمثاره الافتتان بالترف واتباع ما يقتضيه الإتراف ، من فسوق وطغيان وإفراط وإسراف .

                          علم هذا المهتدون الأولون بالقرآن من الخلفاء الراشدين ، وعلماء الصحابة والسلف الصالحين ، فكانوا مثلا صالحا في الاعتدال في المعيشة ، أو تغليب جانب الخشونة والبأس والشدة ، على الخنوثة والمرونة والنعمة ، فسهل لهم فتح الأمصار ، ثم أضاعها من خلف بعدهم من متبعي الإتراف ، فانظر كيف اهتدى السلف الصالح بالقرآن وحده وبيان السنة له إذ خرجوا به من ظلمات الجاهلية ، إلى نور العلم والعرفان والحكمة . ثم كيف ضل الخلف الصالح عنه بعد أن استفادوا العلوم والفنون والملك والسلطان به ؟

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية