الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          [ ص: 196 ] ( الفصل الثاني في سنن الطبائع والغرائز البشرية ) :

                          ( وفيه بضعة شواهد ) :

                          ( سنته - تعالى - في اختبار البشر لأجل إحسان كل عمل ) :

                          ( الشاهد الأول ) بين الله - تعالى - لنا بعد ما تقدم آنفا من بدء الخلق حكمته العظمى فيه للبشر بقوله : - ليبلوكم أيكم أحسن عملا - 7 فإن إحسانهم لأعمالهم التي أعدهم لها هي التي تظهر ما في هذا الخلق علويه وسفليه من الحكم والأسرار التي لا حد لها ولا نهاية ، بين هذا بأسلوب الالتفات عن الخبر إلى الخطاب العام ، ويا له من أسلوب لا يعرف له ضريب في كلام بلغاء البشر ، ثم التفت عنه إلى خطاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله : - ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين - 7 وفي هذا الخبر المؤكد بصيغة القسم بيان لسنتين من سنن الله - تعالى - في البشر ، إحداها في حالة من أحوال اجتماعهم ، وموضعها الفصل الثالث ، والأخرى في نوع من أنواع غرائزهم وطباعهم ، وهي أنهم إذا أخبروا بشيء لم تصل إلى إدراكه عقولهم أنكروه ، على أنهم مستعدون بالفطرة للعلم بكل شيء كما قال - تعالى - : - وعلم آدم الأسماء كلها - 2 : 31 فإذا قال لهم الرسول المخبر إن هذا الخبر عن الله القادر على كل شيء ، وجاءهم بالآية الدالة على صدقه من علمية أو عقلية يعجزون عن مثلها قال أكثرهم : - إن هذا إلا سحر مبين - أي : بين ظاهر ، يعنون أنهم ما عجزوا عن مثلها إلا لأن لها سببا خفيا عليهم قد يعرفه غيرهم وقد يعرفونه بعد ، فهذه سنة من سننه - تعالى - فيهم في حال من أحوالهم الناقصة المتعارضة كما بينته في محله من قبل ، والمراد هنا التذكير لا تفصيله وتحقيقه .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية