[ ص: 253 ] الثالث اختلف في بعد اتفاقهم على أنه أعلى مراتب البلاغة بحيث لا يوجد في التراكيب ما هو أشد تناسبا ولا اعتدالا في إفادة ذلك المعنى منه . تفاوت القرآن في مراتب الفصاحة
فاختار القاضي المنع ، وأن كل كلمة فيه موصوفة بالذروة العليا ، وإن كان بعض الناس أحسن إحساسا له من بعض .
واختار وغيره التفاوت فقال : لا ندعي أن كل ما في القرآن على أرفع الدرجات في الفصاحة ، وكذا قال غيره : في القرآن الأفصح والفصيح ، وإلى هذا نحا أبو نصر القشيري الشيخ عز الدين بن عبد السلام ، ثم أورد سؤالا وهو أنه لم لم يأت القرآن جميعه بالأفصح ، وأجاب عنه الصدر موهوب الجزري بما حاصله : أنه لو جاء القرآن على ذلك لكان على غير النمط المعتاد في كلام العرب من الجمع بين الأفصح والفصيح ، فلا تتم الحجة في الإعجاز ، فجاء على نمط كلامهم المعتاد ، ليتم ظهور العجز عن معارضته ، ولا يقولوا مثلا : أتيت بما لا قدرة لنا على جنسه ، كما لا يصح من البصير أن يقول للأعمى : قد غلبتك بنظري ، لأنه يقول له : إنما تتم لك الغلبة لو كنت قادرا على النظر ، وكان نظرك أقوى من نظري ، وأما إذا فقد أصل النظر فكيف يصح مني المعارضة .