[ ص: 7 ] الشرط الخامس : ، فلو أن لا تتناقض دعواه ، لم تسمع الثانية ، ولو لم يقسم على الأول ، ولم يمض حكم ، فلا يمكن من العود إليه ; لأن الثانية تكذبها ، ولو صدقه الثاني في دعواه الثانية فوجهان ، أحدهما ، ليس له مؤاخذته ; لأن في الدعوى على الأول اعترافا ببراءة غيره ، وأصحهما : له مؤاخذته ; لأن الحق لا يعدوهما ، ويحتمل كذبه في الأولى وصدقه في الثانية ، ولو ادعى على شخص تفرده بالقتل ، ثم على آخر تفرده بالقتل أو مشاركته ، نقل ادعى قتلا عمدا فاستفصل ، فوصفه بما ليس بعمد المزني أنه لا يقسم ، والربيع أنه يقسم ، قال الأكثرون : في المسألة قولان ، أحدهما : تبطل الدعوى ولا يقسم ; لأن في دعوى العمد اعترافا ببراءة العاقلة ، فلا يمكن من مطالبتهم بعده ; ولأن فيه اعترافا بأنه ليس بمخطئ فلا يقبل رجوعه عنه ، وأظهرهما : لا تبطل ; لأنه قد يظن الخطأ عمدا ، فعلى هذا يعتمد تفسيره ويمضي حكمه ، ومنهم من قطع بهذا وتأول نقل المزني على أنه لا يقسم على العمد . ويجري الطريقان فيمن ادعى خطأ وفسر بعمد ، وكذا فيمن ادعى شبه عمد وفسر بخطأ ، وقيل : يقبل تفسيره قطعا ; لأن فيه تخفيفا عن العاقلة ورجوعا عن زيادة ادعاها عليهم .
فرع
، سئل ، فإن قال : كذبت في الدعوى وليس هو قاتلا ، استرد المال منه ، وإن قال : أردت أني حنفي لا أعتقد أخذ المال بيمين المدعي لم يسترد ; لأن النظر إلى رأي الحاكم واجتهاده ، لا إلى مذهب الخصمين ، وذكروا للمسألة نظائر . ادعى قتلا ، فأخذ المال ، ثم قال : ظلمته بالأخذ ، وأخذته باطلا ، أو ما أخذته حرام علي
[ ص: 8 ] منها : مات شخص ، فقال ابنه : لست أرثه ; لأنه كان كافرا ، فسئل عن كفره ، فقال : كان معتزليا أو رافضيا ، فيقال له : لك ميراثه وأنت مخطئ في اعتقادك ; لأن الاعتزال والرفض ليس بكفر ، هكذا قاله القفال والبغوي وغيرهم . والروياني
قال الفوراني : ومن شيوخنا من يكفر أهل الأهواء ، فعلى هذا يحرم الميراث .
قلت : هذا الوجه خطأ ، والصواب المنصوص والذي قطع به الجمهور : أنا لا نكفرهم .
ومنها : ; لأنني لا أرى شفعة الجوار لا يسترد منه . قضى حنفي لشافعي بشفعة الجوار ، فأخذ الشقص ، ثم قال : أخذته باطلا
ومنها : ; لأنها صارت أم ولد له بذلك ، وعتقت بموته ، فيقال له : هي مملوكتك ولا تصير أم ولد بالنكاح . مات عن جارية أولدها بنكاح ، فقال وارثه : لا أتملكها
واعلم أن جميع هذا فيما يتعلق بظاهر الحكم ، أما الحل باطنا إذا حكم القاضي في مواضع الخلاف لشخص على خلاف اعتقاده ، كحكم حنفي لشافعي بشفعة جوار ، ففي ثبوته خلاف ، وميل الأئمة هنا إلى ثبوته ، وسنذكره إن شاء الله تعالى في كتاب الأقضية . ولو قال : أردت بقولي ، حرام أنه مغصوب ، فإن عين المغصوب منه ، لزمه تسليمه إليه ، ولا رجوع له على المأخوذ منه ; لأن قوله لا يقبل عليه ، وإن لم يعين أحدا ، فهو مال ضائع ، وفي مثله خلاف مشهور ، والجواب في " الشامل " أنه لا يلزمه رفع يده عنه ، ولو قال بعد ما أقسم : ندمت على الأيمان ، لم يلزمه بهذا شيء .
[ ص: 9 ] فرع
، فإن لم يصدقه الوارث لم يؤثر قوله فيما جرى ، وإن صدقه ، لزمه رد ما أخذ ، وهل له الدعوى على الثاني ومطالبته ؟ فيه قولان ، وهما نظير الوجهين السابقين في أول هذا الشرط . ادعى القتل على رجل ، وحلف وأخذ المال ، فجاء رجل وقال : أنا قتلت مورثك ، ولم يقتله الذي حلف عليه