[ ص: 38 ] فصل
، وعينه أو لم يعينه ، سقط القصاص ، وأما الدية ، فإن لم يعين العافي ، فللورثة كلهم الدية ، وإن عينه ، وأنكر ، فكذلك ، ويصدق بيمينه في كونه لم يعف ، وإن أقر بالعفو ، فلغير العافي حقهم من الدية ، والعافي وإن عفا على الدية ، فكذلك ، وإن أطلق العفو ، فعلى القولين في وجوب الدية بالعفو المطلق ، ولو شهد بعض الورثة بعفو أحدهم ، فإن كان فاسقا أو لم يعين العافي ، فحكمه حكم الإقرار ، وإن كان عدلا وعين العافي ، وشهد بأنه عفا عن القصاص والدية جميعا ، فللجاني أن يحلف معه ، ويسقط القصاص والدية ، أما القصاص ، فبالإقرار الذي تضمنته الشهادة ، وأما الدية ، فلأن العفو عن المال يثبت بشاهد ويمين ، وكذا الحكم لو شهد رجل وامرأتان من الورثة . أقر بعض الورثة بعفو أحدهم عن القصاص
وإذا حلف الجاني ، فيحلف : لقد عفا عن الدية ، وقيل : يحلف : لقد عفا عن القصاص والدية ، وهو ظاهر النص ، وهو ضعيف ، والنص مؤول ; لأن القصاص سقط بالإقرار ، وإذا ادعى الجاني على الورثة أو بعضهم العفو عن القصاص على الدية ، فأنكروه ، فهم المصدقون باليمين ، فإن نكلوا ، حلف ، وثبت العفو بيمين الرد ، وإن أقام بينة على العفو ، لم يقبل إلا رجلان ، ولو آل الأمر إلى المال ، فادعى على بعضهم عفوه عن حصته من الدية فله إثباته برجل وامرأتين ، وشاهد ويمين .
فصل
إذا ، بأن قال أحدهما : قتله بكرة ، وقال الآخر : عشية ، أو مكان ، فقال أحدهما : في البيت ، والآخر : في [ ص: 39 ] السوق ، أو آلة ، فقال أحدهما : قتله بسيف ، والآخر : برمح أو عصا ، أو هيئة ، فقال أحدهما : حزه ، والآخر : قده ، لم يثبت القتل ، وهكذا حكم ما يشهدان به ، ويختلفان فيه من الأفعال والألفاظ المنشأة ، ولا يكون ذلك لوثا على المذهب ، ولو شهد أحدهما أنه أقر بالقتل عمدا ، أو خطأ يوم السبت ، والآخر أنه أقر به يوم الأحد ، ثبت القتل ; لأنه لا اختلاف في القتل وصفته ، ولو قال أحدهما : أقر أنه قتله بمكة يوم كذا ، وقال الآخر : أقر أنه قتله بمصر ذلك اليوم ، سقط قولهما ، ولو شهد أحدهما أنه قتله ، والآخر أنه أقر بقتله ، لم يثبت القتل ، ولكنه لوث ، فإن كان المدعى قتل عمد ، وأقسم الولي ، ترتب على القسامة حكمها ، وإن كان قتل خطأ ، حلف مع أي الشاهدين شاء ، وتعدد اليمين واتحادها على ما سبق ، فإن حلف مع شاهد القتل ، فالدية على العاقلة ، وإن حلف مع شاهد الإقرار ، ففي مال الجاني ، وإن ادعى قتل عمد ، فشهد أحدهما على إقراره بقتل عمد ، والآخر على إقراره بقتل مطلق أو أحدهما بقتل عمد ، والآخر بقتل مطلق ، ثبت أصل القتل ، لاتفاقهما عليه ، حتى لا يقبل من المدعى عليه إنكاره ، ويسأل عن صفة القتل ، فإن أصر على إنكار أصله ، قال له الحاكم : إن لم تبين صفته ، جعلتك ناكلا ، ورددت اليمين على المدعي أنك قتلت عمدا ، وحكمت عليك بالقصاص ، فإن بين صفته ، فقال : قتلته عمدا ، أجرى عليه حكمه ، وإن قال : قتلته خطأ ، وكذبه الولي ، فأطلق مطلقون أنه يصدق في نفي العمدية ، فيحلف وتجب دية خطأ في ماله ; لأنها تثبت بإقراره ، وإن نكل ، حلف ، ووجب القصاص ، واستدرك الإمام اختلف شاهدا القتل في زمان ، فقالا : يصدق في نفي العمدية إن لم يكن هناك لوث ، فإن كان ، أقسم المدعي ويشبه أن يكون المراد لوث العمدية ، وإلا فأصل اللوث حاصل بأصل القتل لاتفاق الشاهدين ، وقد سبق خلاف في أنه لو ظهر لوث بأصل القتل دون كونه خطأ أو عمدا ، هل تثبت القسامة ؟ وهذا نازع إليه . والغزالي
[ ص: 40 ] فرع
، والدعوى بقتل عمد ، ففي ثبوت أصل القتل وجهان ، أصحهما : يثبت ، فإن قلنا : لا يثبت ، فحكمه كما سبق في صور التكاذب ، وإن قلنا : يثبت ، سئل الجاني ، فإن أقر بالعمد ، ثبت ، أو بخطأ وصدقه الولي ، ثبت ، وإن كذبه ، فللولي أن يقسم ; لأن معه شاهدا ، وذلك لوث هنا قطعا ، فإن أقسم الولي ، حكم بمقتضى القسامة ، وإلا فيحلف الجاني ، فإن حلف ، فالدية مخففة في ماله ، وإن نكل ، ففي رد اليمين على المدعي قولان سبقا ، فإن ردت ، وحلف ، ثبت موجب العمد ، فإن لم ترد ، أو ردت ، وامتنع من الحلف ، تثبت دية الخطأ في ماله ، وقال شهد أحدهما أنه قتله عمدا ، والآخر أنه قتله خطأ البغوي : إن كان المدعى قتل عمد ، فشهادة الخطأ لغو ، ويحلف الولي مع شاهد العمد خمسين يمينا ، ويثبت مقتضى القسامة ، وإن كان قتل خطأ ، فشهادة العمد لغو ، ويحلف مع شاهد الخطأ ، وتجب دية على العاقلة ، قال : ولو شهد أحدهما أنه أقر بقتله عمدا ، والآخر أنه أقر بقتله خطأ ، فالحكم كذلك إلا أنه إذا حلف مع شاهد الخطأ ، فالدية على الجاني إلا أن تصدقه العاقلة .
فرع
شهدا أنه ضرب ملفوفا في ثوب ، فقده نصفين ، ولم يتعرضا لحياته وقت الضرب ، لم يثبت القتل بشهادتهما ، فلو اختلف الولي والجاني في حياته حينئذ ، فأيهما يصدق ؟ فيه قولان سبقا ، أظهرهما : الولي ، وفي موضع القولين ثلاث طرق ، أصحهما : إطلاقهما ، والثاني قاله أبو إسحاق : ينظر إلى الدم السائل ، فإن قال أهل الخبرة : هو دم حي ، صدق الولي ، وإن قالوا : دم ميت ، صدق الجاني ، وإن اشتبه ، ففيه [ ص: 41 ] القولان ، والثالث قاله أبو الحسن الطيبي ، بكسر الطاء وبالباء الموحدة : أنه إن كان ملفوفا في ثياب الأحياء ، صدق الولي ، وإن كان في الكفن ، صدق الجاني ، وإن اشتبه ، ففيه القولان ، فإن صدقنا الجاني ، فحلف ، برئ ، وإن صدقنا الولي ، فله الدية ، وفي القصاص وجهان ، قال الشيخ أبو حامد : لا ، للشبهة وقال الماسرجسي والقاضي أبو الطيب وغيرهما : يجب القصاص ; لأنه مقتضى تصديقه .
فرع
، فيقسم الوليان ، نص عليه في " الأم " رضي الله عنه وبالله التوفيق . شهد رجل على رجل أنه قتل زيدا ، وشهد آخر أنه قتل عمرا ، حصل اللوث في حقهما جميعا