الطرف الرابع في الاغتنام
قد سبق في كتاب قسم الغنيمة أن : المال المأخوذ من [ ص: 260 ] الكفار بالقهر وإيجاف خيل وركاب ، والفيء : ما حصل منهم بلا قتال ، وإذا دخل واحد أو شرذمة دار الحرب مستخفين ، وأخذوا مالا على صورة السرقة ، فوجهان : أحدهما وبه قطع الغنيمة ، وادعى الإمام أنه المذهب المعروف : أنه ملك من أخذه خاصة ، والأصح الموافق لكلام الجمهور : أنه غنيمة مخمسة ، وقد قال الأصحاب : لو غزت طائفة بغير إذن الإمام متلصصين وأخذت مالا ، فهو غنيمة مخمسة ، وفي " التهذيب " أن الواحد إذا دخل دار الحرب ، وأخذ مال حربي بقتال ، أخذ منه الخمس ، والباقي له ، وإن أخذه على جهة السوم ، ثم جحده ، أو هرب ، فهو له ، ولا يخمس ، وهذه الصورة قريبة من السرقة ، والمأخوذ على صورة اختلاس كالمأخوذ على صورة السرقة ، وقال صاحب الحاوي : هو غنيمة ، وعن الغزالي أبي إسحاق أنه فيء ، لأنه بغير إيجاف خيل ، وليكن الوجه القائل باختصاص السارق والمختلس مخصوصا بما إذا دخل واحد أو نفر يسير دار الحرب ، وأخذوا ، فأما إذا أخذ بعض الجيش بسرقة أو اختلاس ، فيشبه أن يكون غلولا ، ويدل عليه أن الروياني نقل أن ما يهديه الكافر إلى الإمام ، أو إلى واحد من المسلمين والحرب قائمة ، لا يملكه المهدى إليه بكل حال ، وإذا لم يختص المهدى إليه بالهدية ، فأولى أن لا يختص سارق بمسروق .
فرع
، إن كان مما يعلم أنه للكفار ، فالصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور : أنه غنيمة ، لا يختص به الآخذ ، وقال الإمام المال الضائع الذي يؤخذ في دارهم على هيئة اللقيطة : هو لمن أخذه بناء على أن المسروق لمن أخذه ، فإن أمكن كونه للمسلمين ، بأن كان هناك مسلمون ، أو أمكن أن يكون ضالة بعض الجيش ، وجب تعريفه ، ثم بعده يعود خلاف الجمهور والإمام في أنه غنيمة أم للآخذ ؟ وأما صفة التعريف ، [ ص: 261 ] فقال والغزالي : يعرفه يوما أو يومين ، ويقرب منه قول الإمام : يكفي بلوغ التعريف إلى الأجناد إذا لم يكن هناك مسلم سواهم ، ولا ينظر إلى احتمال مرور التجار ، وفي المهذب والتهذيب يعرفه سنة ، ولفظ التهذيب : أنه لو الشيخ أبو حامد ، فهي غنيمة ، فالخمس لأهله ، والباقي له ولمن معه ، ولو وجد ضالة لحربي في دار الإسلام ، لم يختص هو بها ، بل تكون فيئا ، وكذا لو دخل صبي ، أو امرأة منهم بلادنا ، فأخذه رجل ، يكون فيئا ، وإن دخل منهم رجل ، فأخذه مسلم ، كان غنيمة ، لأن لأخذه مؤنة ، وللإمام الخيار فيه ، فإن استرقه ، كان الخمس لأهله ، والباقي لمن أخذه بخلاف الضالة ، لأنها مال للكفار حصل في أيدينا بلا قتال . وجد ضالة في دار الحرب لحربي
فرع
المباحات التي لم يملكها أحد ، كالحطب والحشيش والحجر والصيد البري والبحري ، من أخذها ، ملكها كدار الإسلام ، قال - رضي الله عنه - في المختصر : إلا أن يكون مصنوعا أو صيدا مقرطا أو موسوما ، فلا يكون لمن أخذه ، يعني إلا أن يكون حجرا مصنوعا بنقر أو نقش ، أو منحوتا ، والمقرط : في أذنه قرط ، ويروى مقرطق ، وهو الذي جز صوفه ، وجعل على هيئة القرطق ، فهذه الأحوال آثار للملك والدار للكفار ، فالظاهر أنها كانت لهم ، فتكون غنيمة ، فإن أمكن كونها لمسلم ، فهي كسائر الضوال يجب تعريفها كما سبق . الشافعي