فصل
الأشياء التي ذكر الأصحاب اعتبار السبق بها ثلاثة : أحدها : بفتح التاء وكسرها ، والفتح أشهر ، وهو مجمع الكفين بين أصل العنق والظهر . الثاني : الكتد وهي القوائم . الثالث : الأقدام ، ونقل الإمام اختلاف وجه أو قول في أن الاعتبار بالهادي ، أم بموضع الأقدام والكتد ، ورأي الثاني أقيس ، والذي يوجد لعامة الأصحاب في كتبهم أن الاعتبار في الإبل بالكتد ، وفي الخيل بالهادي ، لأن الإبل ترفع أعناقها في العدو ، فلا يمكن اعتباره ، والخيل تمدها ، قالوا : فإذا استوى الفرسان في خلقة العنق طولا وقصرا ، فالذي تقدم بالعنق ، أو بعضه هو السابق ، وإن اختلفا فإن تقدم أقصرهما عنقا ، فهو السابق ، وإن تقدم الآخر ، نظر إن تقدم بقدر زيادة الخلقة فما دونها ، فليس بسابق ، وإن تقدم بأكثر ، فسابق ، وحكيت أوجه أخر ضعيفة ، أحدها : أن عند اختلاف خلقة العنق يعتبر في الخيل الكتد ، حكي عن الهادي وهو العنق أبي إسحاق ورجحه الروياني ، والثاني : أن عند اختلاف الخلقة إذا سبق أطولهما عنقا ببعض عنقه ، وكتدهما سواء ، كان سابقا . والثالث : أنه إن كان في جنس الخيل ما يرفع الرأس عند العدو ، اعتبر فيه الكتد كما في الإبل . والرابع : أن التقدم بأيهما حصل ، حصل السبق ، وعلى هذا لو تقدم أحدهما بأحدهما ، والآخر بالآخر فلا سبق . والخامس : حكاه : لا يعتبر هذا ولا ذاك ، بل يعتبر عرف الناس وما [ ص: 360 ] يعدونه سبقا . والسادس : المعتبر تقدم الأذن . والسابع : المعتبر ما شرطاه من الكتد أو الهادي . ابن القطان
قلت : هذا السابع ضعيف ، لأن المسألة فيما إذا أطلقا . والله أعلم .
فهذا هو الكلام في الهادي والكتد ، أما الكتد مع القدم ، فقد قرن بينهما قارنون ، وأقام أحدهما مقام الآخر آخرون ، وأشار الفريقان إلى أنه لا فرق في الاعتبار بهما ولا خلاف ، لأنهما قريبان من التحاذي ، لكن بينهما مع التفاوت تفاوت ، ولا يبعد أن يجعل اعتبار القدم وراء اعتبار الكتد والهادي ، وقال صاحب " الحاوي " : لو اعتبر السبق بالقدم ، فأيهما تقدمت يداه ، فهو السابق ، لأن السعي بهما والجري عليهما ، لكن - رحمه الله - اعتبر الهادي والكتد ، وأما قول الشافعي : الاعتماد على القدم ، فخلاف الجمهور ، ثم قال الغزالي الشيخ أبو محمد : الخلاف في أن السبق بماذا يعتبر ؟ مخصوص بآخر الميدان ، فأما في أوله ، فيعتبر التساوي في الأقدام قطعا .