المسألة الثانية في ، ويحتاج إلى معرفته ؛ لأن البينة على المدعي ، واليمين على المدعى عليه ، لقوة جانبه ، وفيه قولان مستنبطان من اختلاف قول حد المدعي والمدعى عليه رحمة الله عليه في مسألة إسلام الزوجين التي سنذكرها الآن إن شاء الله تعالى . الشافعي
أظهرهما عند الجمهور أن المدعي من يدعي أمرا خفيا يخالف الظاهر ، والمدعى عليه من يوافق قوله الظاهر .
والثاني : المدعي من لو سكت خلي ولم يطالب بشيء ، والمدعى عليه من لا يخلى ولا يكفيه السكوت ، فإذا ادعى زيد دينا في ذمة عمرو ، أو عينا في يده فأنكر فزيد هو الذي لو سكت ترك ، وهو الذي يذكر خلاف الظاهر ؛ لأن الظاهر براءة ذمة عمرو ، وفراغ يده من حق غيره ، وعمرو هو الذي لا يترك ، ويوافق قوله الظاهر ، فزيد مدع بمقتضى القولين وعمرو مدعى عليه .
ولا يختلف موجبهما غالبا ، وقد يختلف كما إذا أسلم زوجان قبل الدخول ، فقال الزوج : أسلمنا معا ، فالنكاح باق ، وقالت : بل على التعاقب ولا نكاح ، فإن قلنا : المدعي من لو سكت ترك ، فالمرأة مدعية وهو مدعى عليه ، [ ص: 8 ] لأنه لا يترك لو سكت ؛ لأنها تزعم انفساخ النكاح ، فيحلف ويستمر النكاح ، وإن قلنا بالأظهر ، فالزوج مدع ؛ لأن ما يزعمه خلاف الظاهر ، وهي مدعى عليها ، فتحلف ويرتفع النكاح .
ولو قال الزوج : أسلمت قبلي ، فلي النكاح ولا مهر ، وقالت : بل أسلمنا معا ، وهما بحالهما ، فقوله في الفراق يلزمه ، وأما المهر فالقول قوله على الأظهر ، وعلى الثاني قولها ؛ لأنها لا تترك بالسكوت ؛ لأن الزوج يزعم سقوط المهر ، فإذا سكتت ولا بينة جعلت ناكلة ، وحلف وسقط المهر . قال الأصحاب : والأمناء الذين يصدقون في الرد بيمينهم مدعون ؛ لأنهم يزعمون الرد الذي هو خلاف الظاهر ، لكن اكتفي منهم باليمين ، ولأنهم أثبتوا أيديهم ، لغرض المالك ، وقد ائتمنهم ، فلا يحسن تكليفهم بنية الرد .
وأما على القول الثاني ، فهم مدعى عليهم ؛ لأن المالك هو الذي لو سكت ترك . قال الروياني وغيره : وقد يكون الشخص مدعيا ومدعى عليه في المنازعة الواحدة ، كما في صورة التحالف ، هذا كلام الأصحاب ، وبالله التوفيق .