الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        المسألة السادسة : دعوى المرأة النكاح إن اقترن بها حق من حقوق النكاح ، كصداق ونفقة ، وقسم وميراث بعد موته ، سمعت ، وإن تمحضت دعوى الزوجية ، سمعت أيضا على الأصح ، فإن سمعت ، نظر ، إن سكت المدعى عليه ، وأصر على السكوت ، أقامت البينة عليه ، وإن أنكر ، فهل يكون إنكاره طلاقا ؟ وجهان ، أصحهما : لا ، [ ص: 16 ] فإن قلنا : هو طلاق سقط ما ادعته ، ولها أن تنكح زوجا غيره ، ولو رجع عن الإنكار ، وقال : غلطت في الإنكار ، لم يقبل رجوعه ، وإن قلنا : ليس إنكاره طلاقا ، فإنكاره كسكوته ، فيقيم البينة عليه ، وإن رجع قبلنا رجوعه ، وسلمنا الزوجة إليه ، وإن لم تكن بينة ، وحلف الرجل ، فلا شيء عليه ، وله أن ينكح أختها وأربعا سواها ، وليس لها أن تنكح زوجا غيره إذا لم نجعل الإنكار طلاقا . وإن اندفع النكاح ظاهرا حتى يطلقها أو يموت . قال البغوي : أو يفسخ بإعساره ، أو امتناعه إذا جعلنا الامتناع مع القدرة ممكنا من الفسخ وليكن هذا مفرعا على أن لها أن تفسخ بنفسها ، أما إذا أحوجناها إلى الرفع إلى القاضي ، فما لم يظهر له النكاح كيف يفسخ أو يأذن في الفسخ ، وينبغي أن يرفق الحاكم به حتى يقول : إن كنت نكحتها ، فهي طالق ، ليحل لها النكاح ، وإن نكل الرجل ، حلفت هي ، واستحقت المهر والنفقة .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        امرأة تحت رجل ادعى آخر أنها زوجته ، فالصحيح أن هذه الدعوى عليها لا على الرجل ؛ لأن الحرة لا تدخل تحت اليد ، فلو أقام كل واحد منهما بينة ، لم يقدم بينة من هي تحته ، بل هي كاثنين أقام كل واحد منهما بينة على نكاح خلية ، فينظر إن كانتا مؤرختين بتاريخ واحد ، أو مطلقتين ، فقد تعارضتا ولا يجيء قولا القسمة والقرعة ، وإن كانتا مؤرختين بتاريخين مختلفين ، قدمت البينة التي سبق تاريخها بخلاف ما لو كان هذا التعارض في مال ، فإن في الترجيح بالسبق قولين ؛ لأن الانتقال في الأموال غالب دون النكاح . ولو [ ص: 17 ] قامت بينة أحدهما على النكاح ، وبينة الآخر على إقرارها بالنكاح ، فبينة النكاح أولى ، كما لو شهدت بينة واحد بأنه غصب منه كذا ، وبينة الآخر بأنه أقر له به ، ولو أقرت لأحدهما ، فعلى ما ذكرنا إذا زوجها وليان لشخصين ، وادعى كل واحد سبق نكاحه .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        ادعت ذات ولد أنها منكوحته ، وأن الولد منه ، وسمعنا دعوى النكاح منها ، فإن أنكر النكاح والنسب ، فالقول قوله بيمينه ، وإن قال : هذا ولدي من غيرها ، أو هذا ولدي ، لم يكن مقرا بالنكاح ، وإن قال : هو ولدي منها وجب المهر ، وإن أقر بالنكاح ، فعليه النفقة والمهر والكسوة ، فإن قال : كان نكاح تفويض ، فلها المطالبة بالفرض إن لم يجر دخول ، وإن جرى ، فقد وجب المهر بالدخول ، فلا معنى لإنكاره .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية