الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        إذا اشترى ما مأكوله في جوفه ، كالرانج ، والبطيخ ، والرمان ، والجوز ، واللوز ، والبندق ، والبيض ، فكسره فوجده فاسدا ، نظر ، إن لم يكن لفاسده قيمة كالبيضة المذرة التي لا تصلح لشيء ، والبطيخة الشديدة التغير ، رجع بجميع الثمن ، نص عليه . وكيف طريقه ؟ قال معظم الأصحاب : يتبين فساد البيع لوروده على غير متقوم . وقال القفال وطائفة : لا يتبين فساد البيع ، بل طريقه [ ص: 487 ] استدراك الظلامة . وكما يرجع بجزء من الثمن لنقص جزء من المبيع ، يرجع بكله لفوات كل المبيع .

                                                                                                                                                                        وتظهر فائدة الخلاف في أن القشور الباقية بمن تختص حتى يكون عليه تنظيف الموضع منها ؟ أما إذا كان لفاسده قيمة ، كالرانج ، وبيض النعام ، والبطيخ إذا وجده حامضا ، أو مدود بعض الأطراف ، فللكسر حالان . أحدهما : أن لا يوقف على ذلك الفساد إلا بمثله ، فقولان . أظهرهما عند الأكثرين : له رده قهرا كالمصراة . والثاني ، لا ، كما لو قطع الثوب . فعلى هذا هو كسائر العيوب الحادثة ، فيرجع المشتري بأرش العيب القديم ، أو يضم أرش النقصان إليه ، ويرده كما سبق . وعلى الأول ، هل يغرم أرش الكسر ؟ قولان . أظهرهما : لا ؛ لأنه معذور . والثاني : يغرم ما بين قيمته صحيحا فاسد اللب ومكسورا فاسد اللب ، ولا ينظر إلى الثمن . الحال الثاني : أن يمكن الوقوف على ذلك الفساد بأقل من ذلك الكسر ، فلا رد على المذهب كسائر العيوب . وقيل بطرد القولين . إذا عرفت هذا فكسر الجوز ونحوه ، وثقب الرانج ، من صور الحال الأول . وكسر الرانج وترضيض بيض النعام من صور الحال الثاني . وكذا تقوير البطيخ الحامض إذا أمكن معرفة حموضته بغرز شيء فيه ، وكذا التقوير الكبير إذا أمكن معرفته بالتقوير الصغير . والتدويد لا يعرف إلا بالتقوير ، وقد يحتاج إلى الشق ليعرف ، وقد يستغنى في معرفة حال البيض بالقلقلة عن الكسر . ولو شرط في الرمان الحلاوة ، فبان حامضا بالغرز ، رد ، وإن بان بالشق ، فلا .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        اشترى ثوبا مطويا وهو مما ينقص بالنشر ، فنشره ووقف على عيب [ ص: 488 ] به لا يوقف عليه إلا بالنشر ، ففيه القولان . كذا أطلقه الأصحاب على طبقاتهم مع جعلهم بيع الثوب المطوي من صور بيع الغائب ، ولم يتعرض الأئمة لهذا الإشكال إلا من وجهين . أحدهما : ذكر إمام الحرمين أن هذا الفرع مبني على تصحيح بيع الغائب . والثاني : قال صاحب " الحاوي " وغيره : إن كان مطويا على أكثر من طاقين ، لم يصح البيع إن لم نجوز بيع الغائب . وإن كان مطويا على طاقين ، صح ؛ لأنه يرى جميع الثوب من جانبيه ، وهذا حسن ، لكن المطوي على طاقين ، لا يرى من جانبيه إلا أحد وجهي الثوب ، وفي الاكتفاء به تفصيل وخلاف سبق . ووراء هذا تصويران .

                                                                                                                                                                        أحدهما : أن تفرض رؤية الثوب قبل الطي ، والطي قبل البيع . والثاني : أن ما نقص بالنشر مرة ، ينقص به مرتين أو أكثر . فلو نشر مرة ، وبيع وأعيد طيه ، ثم نشره المشتري فزاد النقص به ، انتظم التصوير .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية