المسألة الرابعة : حلف لهما يمينين ، وإن أقر بالعتق ، ثبت العتق ، ولم يكن للمشتري تحليفه ، وإن قلنا : إتلاف البائع كالآفة السماوية ؛ لأنه بالإقرار متلف قبل القبض ، فينفسخ البيع ، لكن لو ادعى تسليم الثمن ، حلف له وإن أقر بالبيع ، قضي به ، وليس للعبد تحليفه ؛ لأنه لو اعترف به لم يقبل ، ولم يلزمه غرم ، قال عبد في يد رجل ، ادعى أن سيده أعتقه ، وادعى رجل أنه باعه إياه بكذا ، وأنكر صاحب اليد ما ادعياه ، ولا بينة الروياني : وليس لنا موضع يقر لأحد المدعيين ، ولا يحلف للآخر قولا واحدا إلا هذا ، وإن أقام كل واحد بينة ، نظر إن اختلف تاريخهما ، قضي بأسبقهما ، وإن اتحد تعارضتا ، وفيهما القولان ، فإن قلنا بالسقوط ، فهو كما لو لم يكن ، وإن قلنا بالاستعمال ، ففي مجيء قول الوقف الخلاف السابق ، وإن قلنا بالقرعة قضي لمن خرجت له ، وإن قلنا بالقسمة ، عتق نصف العبد ، ونصفه لمدعي الشراء بنصف الثمن ، وله الخيار ، فإن فسخ ، فالصحيح أنه يعتق النصف الآخر أيضا ؛ لأن البينة شهدت بإعتاقه الجميع ، وإنما لم يحكم بموجبها لزحمة مدعي الشراء وقد زالت ، وقيل : لا يعتق وإن أجاز ، فإن كان المدعى عليه معسرا ، لم يسر العتق ، وإن كان موسرا ، [ ص: 75 ] فقولان ، أو وجهان ، أحدهما لا يسري ؛ لأنه عتق قهرا ، فأشبه ما لو ورث بعض قريبه ، وأظهرهما يسري ، لقيام البينة أنه أعتق باختياره ، وقيل : لا يجري قول القسمة هنا تحرزا من تبغيض الحرية ، وصرح المزني قولا أنه يقدم بينة العتق ؛ لأن العبد في يد نفسه ، وبينة صاحب اليد مقدمة وضعف الأصحاب هذا ، وامتنعوا من إثباته قولا قالوا : وإنما يكون في يد نفسه لو ثبتت حريته ، ولو كانت البينتان مطلقتين أو إحداهما مطلقة ، والأخرى مؤرخة ، فهو كما لو اتحد تاريخهما ، هذا هو المذهب ، وقيل : لا يجري هنا قول السقوط ؛ لأن صدقهما ممكن ، بأن باعه صاحب اليد لمدعي الشراء ، ثم اشتراه منه ، ثم أعتقه ، وتصديق صاحب اليد بعد قيام البينتين لا يوجب الرجحان إلا عند ابن سريج كما سبق .