الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

دراسة في البناء الحضاري (محنة المسلم مع حضارة عصره)

الدكتور / محمود محمد سفر

طبيعة التحديث والاستعمال المكثف لمنتجات الحضارة

سبقت الإشارة [1] إلى أن الفجوة الحضارية بين الحضارة الضاغطة والمجتمع المضغوط، تهيئ نقل عالم الأشياء بسرعة كبيرة، أكثر من أي شيء آخر، ومن هـنا فإن التحديث في مجتمعاتنا أصبح يتركز في الاستعمال المكثف لمنتجات الحضارة في عالم الأشياء.

فنحن اليوم نبني بيوتنا على نسق غربي.

ونؤثثها بأثاث غربي. [ ص: 36 ] ونجهزها بأجهزة غربية.

بل أننا نتمتع ونترفه بطرق غربية.

قل مثل هـذا في نواحي الحياة كلها.

بل إننا أحيانا نسبق الغرب في انتشار استخدام بعض أدواته.

وربما لاحظ من له أصدقاء غربيون، وأتته الفرصة لزيارتهم، أن لا يجد عند معظمهم أجهزة فيديو، في حين تمتلئ بيوتنا بهذه الأجهزة.

إن عالم الأشياء قد نما في الغرب نموا طبيعيا؛ ليعين على بعض أهداف الحياة عندهم، ولكنه نما عندنا نموا عشوائيا من غير أن يحقق أهدافا واضحة.

فالتحديث في مجتمعاتنا الإسلامية إنما هـو تحديث في الظهر.

إن طبيعة التحديث في المجتمعات النامية أخذ طابع التحديث من خلال عالم الأشياء، أي كل ما يتصل بمتاع الدنيا، والحديث عن عالم الأشياء ومتاع الحياة الدنيا يقودنا إلى سؤال نعتقد في جدوى طرحه وهو:

ما دور المهندس عندما يتخرج من كلية لم تعده إعدادا كاملا لمواجهة هـذه المواقف كلها؟ ونقول: المهندس بالذات، لأنه بطبيعة تكوينه العلمي وإعداده المهني، يجب أن يكون أقرب الطاقات البشرية لعالم الأشياء، وأكثرها تعاملا مع المنتوجات الحضارية، ومتاع الحياة الدنيا. إن هـذا السؤال ـ رغم بساطته ـ يأخذ بأيدينا إلى القضية الثالثة وهي ترشيد اختيار المنتج الحضاري الملائم للبيئة الإسلامية.

التالي السابق


الخدمات العلمية