الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

أزمتنا الحضارية في ضوء سنة الله في الخلق

الدكتور / أحمد محمد كنعان

دواعي اهتمامنا بسنة الله في الخلق

.. تنبع أهمية بحثنا في السنن التي فطر الله عليها أمور خلقه من حقيقة أولية، وهي أن كشف السنن ومعرفة شروطها وخصائصها، يجعل الأمور، التي تخضع لهذه السنن في نطاق التسخير لنا نحن البشر.. أي إن معرفتنا بالسنن تجعلنا أقدر على تسخير الكون بما فيه من حولنا، والاستفادة من ذلك في تصريف شئون حياتنا، فضلا عن تحديد مسار سلوكنا وفق ضوابط تحدد المعالم والأهداف والسبل الموصلة إليها.

ويجدر بنا أن نلاحظ هـنا أن تاريخ الإنسان فوق هـذه الأرض قد بدأ منذ اللحظة التي اختار فيها حمل الأمانة، ورضي استخلاف الله له في الأرض، وأهم ما يعنيه هـذا الاستخلاف منح الإنسان (القدرة العقلية) لتكون مناط المسئولية الدنيوية والأخروية، وبها يتمكن من استكشاف العالم، وتمييز السنن التي تتحكـم في المخلوقات المختلفة.. ومنحه كذلك (القدرة المادية) التي تمكنه من تسخير هـذه المخلوقات في شئونه وحاجاته.

ولا شك في أنه لولا تمكين الله للإنسان في الأرض بمنحه هـاتين القدرتين، لظل عاطلا عن الفعل الحضاري، ولظل -مثله مثل أي مخلوق آخر في هـذا الوجود- غير قادر على تغيير شيء من حاله، التي وجد عليها منذ لحظة خلقه، ولما كانت حاله بأحسن من حال العصفور الذي خلقه الله قبل ملايين السنين، ولكنه على الرغم من هـذه السنين الطويلة لم يتمكن من صنع رغيف خبز

بينما استطاع الإنسان بالمقابل أن يسخر العصفور لخدمته، كما سخر بقية المخلوقات، التي وقعت تحت طائلة يده، ومنها ما هـو أقوى منه وأكثر عددا.. كما سخر كل ما وصلت إليه يده، وكثيرا مما لم تصل إليه يده.. وقد تم له ذلك خلال سنوات قليلة من تاريخه. [ ص: 38 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية