الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
دليل من علم الأجنة: لقد كان دليلنا السابق من عالم المادة، التي نصفها عادة بالجمود.. ونختار الآن مثالا آخر من عالم الحياة، عالم المخلوقات الحية، التي تتصف بالنشاط، والحركة، والتكاثر، والنمو، والتبدل المستمر.

ونورد مثالنا من علم الأجنة، الذي أصبحنا نعرف عنه الكثير من المعلومات والحقائق اليقينية.. ويكفينا دليلا من علم الأجنة أن نتتبع مراحل تخلقها ونموها لنرى النظام الذي تسير وفقه، سواء أكانت هـذه الأجنة أجنة بشر، أو أجنة حيوانات مثل السمك والضفدع والطير والفيل.

إن تكوين هـذه الأجنة على اختلافها يبدأ من التقاء نطفة الذكر ببيضة الأنثى، ومن خلال عرس اللقاء هـذا تتشكل خلية واحدة، هـي العروس الملقحة التي لا تلبث أن تبدأ بالانقسام والتكاثر، على خليتين، ثم أربع، ثم ثمان، ثم ست عشرة.. وفي مرحلة لاحقة يبدأ تخصيص كل مجموعة من الخلايا المتكاثرة، لتشكيل عضو من أعضاء المخلوق الجديد إلى أن يكتمل نموه، ويبلغ غاية خلقه، ويخرج إلى الحياة مخلوقا كاملا سويا.. ومما لا ريب فيه أن هـذا الأسلوب الموحد في تخلق الأجنة المختلفة يوحي أنها جميعا تخضع لمنهج واحد من السنن الشاملة.. كما يدل هـذا الأمر على أن سنن الحياة لا تسود عالم الإنسان وحده، بل تسود عالم المخلوقات الحية كلها. [ ص: 55 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية