الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4259 حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن محمد بن جحادة عن عبد الرحمن بن ثروان عن هزيل عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا القاعد فيها خير من القائم والماشي فيها خير من الساعي فكسروا قسيكم وقطعوا أوتاركم واضربوا سيوفكم بالحجارة فإن دخل يعني على أحد منكم فليكن كخير ابني آدم

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( محمد بن جحادة ) : بضم الجيم وتخفيف المهملة ثقة من الخامسة ( إن بين يدي الساعة ) : أي قدامها من أشراطها ( فتنا ) أي فتنا عظاما ومحنا جساما ( كقطع الليل [ ص: 263 ] المظلم ) : بكسر القاف وفتح الطاء ويسكن أي كل فتنة كقطعة من الليل المظلم في شدتها وظلمتها وعدم تبين أمرها .

                                                                      قال الطيبي رحمه الله : يريد بذلك التباسها وفظاعتها وشيوعها واستمرارها ( فيها ) : أي في تلك الفتن . ( ويصبح كافرا ) الظاهر أن المراد بالإصباح والإمساء تقلب الناس فيها وقت دون وقت لا بخصوص الزمانين فكأنه كناية عن تردد أحوالهم وتذبذب أقوالهم وتنوع أفعالهم من عهد ونقض وأمانة وخيانة ومعروف ومنكر وسنة وبدعة وإيمان وكفر ( القاعد فيها خير من القائم ، والماشي فيه خير من الساعي ) : أي كلما بعد الشخص عنها وعن أهلها خير له من قربها واختلاط أهلها لما سيئول أمرها إلى محاربة أهلها ، فإذا رأيتم الأمر كذلك ( فكسروا قسيكم ) : بكسرتين وتشديد التحتية جمع القوس وفي العدول عن الكسر إلى التكسير مبالغة لأن باب التفعيل للتكثير ( وقطعوا ) : من التقطيع ( أوتاركم ) : جمع وتر بفتحتين .

                                                                      قال القاري : فيه زيادة من المبالغة إذ لا منفعة لوجود الأوتار مع كسر القسي أو المراد به أنه لا ينتفع بها الغير ( واضربوا سيوفكم بالحجارة ) : أي حتى تنكسر أو حتى تذهب حدتها ، وعلى هذا القياس الأرماح وسائر السلاح ( فإن دخل ) : بصيغة المجهول ونائب الفاعل قوله ( على أحد منكم ) : من بيانية ( فليكن ) : أي ذلك الأحد ( كخير ابني آدم ) : أي فليستسلم حتى يكون قتيلا كهابيل ولا يكون قاتلا كقابيل .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه الترمذي وابن ماجه ، وقال الترمذي : حسن غريب ، وعبد الرحمن بن ثروان هذا تكلم فيه بعضهم ووثقه يحيى بن معين واحتج به البخاري .




                                                                      الخدمات العلمية